Rasaʾil Ihwan al-safaʾ wa hillan al-wafaʾ

Ikhwan Safa d. 375 AH
67

Rasaʾil Ihwan al-safaʾ wa hillan al-wafaʾ

رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء

Genres

وقال آخر: الموسيقار إذا كان حاذقا بصنعته حرك النفوس نحو الفضائل، ونفى عنها الرذائل.

وقال آخر: إنه سمع فيلسوف نغمة القينات، فقال لتلميذه: امض بنا نحو هذا الموسيقار؛ لعله يفيدنا صورة شريفة، فلما قرب منه سمع لحنا غير موزون ونغمة غير طيبة، فقال لتلميذه: زعم أهل الكهانة أن صوت البوم يدل على موت إنسان، فإن كان ما قالوا صدقا، فصوت هذا الموسيقار يدل على موت البوم.

وقال آخر: الموسيقار وإن كان ليس بحيوان فهو ناطق فصيح يخبر عن أسرار النفوس وضمائر القلوب، ولكن كل كلامه أعجمي يحتاج إلى الترجمان؛ لأن ألفاظه بسيطة ليس لها حروف معجمة، وقد أنشدت أبيات بالفارسية تدل على تصديق قول هذا الفيلسوف، وهي هذه:

وقت شب كيرنانك ناله زير

خوشتر أيد بكوشم أزتكير زاري زير وأين مدار شكفت

كرزوشت أندراورد نخجير تن أوتيرنه زمان بزمان

بدل اندرهمي كذازد شير كان كريان وكه تبالدزار

بامداد أن وروزتا شبكير إن زبان أوري زباتش نه

خبر عاشقان كند تفسير كان ديوانه راكند هشيار

كه بهشيار برنهد زنجير

وقال آخر: أصوات الموسيقار ونغماته - وإن كانت بسيطة - ليس لها حروف معجم، فإن النفوس إليها أشد ميلا ولها أسرع قبولا لمشاكلة ما بينهما؛ وذلك أن النفوس أيضا جواهر بسيطة روحانية غير مركبة ونغمات الموسيقار كذلك والأشياء إلى أشكالها أميل، وقال آخر: إن الموسيقار هو الترجمان عن الموسيقى والمعبر عنه، فإن كان جيد العبارة عن المعاني أفهم أسرار النفوس وأخبر عن ضمائر القلوب وإلا فالتقصير منه يكون.

وقال آخر: لا يفهم معاني الموسيقار، ولطيف عبارته عن أسرار الغيوب إلا النفوس الشريفة الصافية، والبريئة من الشوائب الطبيعية، والبريئة من الشهوات البهيمية.

وقال آخر: إن الباري - جل ثناؤه - لما ربط النفوس الجزئية بالأجساد الحيوانية ركب في جبلتها الشهوات الجسمية، ومكنها من تناول اللذات الجرمانية في أيام الصبا، ثم سلبها عنها في أيام الشيخوخة وزهدها فيها كما يدلها على الملاذ والسرور والنعيم الذي في عالمها الروحاني، ويرغبها فيها، فإذا سمعتم نغمات الموسيقار فتأملوا إشاراته نحو عالم النفوس.

وقال آخر: إن النفوس الناطقة إذا صفت عن الشهوات الجسمانية، وزهدت في الملاذ الطبيعية، وانجلت عنها الأصدية الهيولانية؛ ترنمت بالألحان الحزينة، وتذكرت عالمها الروحاني الشريف العالي، وتشوقت نحوه، فإذا سمعت الطبيعة ذلك اللحن تعرضت للنفس بزينة أشكالها ورونق أصباغها كيما ترد إليها، فاحذروا من مكر الطبيعة أن لا تقعوا في شبكتها، وقال آخر: إن السمع والبصر هما من أفضل الحواس الخمس وأشرفها التي وهب الباري - جل ثناؤه - للحيوان، ولكن أرى البصر أفضل؛ لأنه كالنهار والسمع كالليل، وقال آخر: لا بل السمع أفضل من البصر؛ لأن البصر يذهب في طلب محسوساته ويخدمها حتى يدركها مثل العبيد، والسمع يحمل إليه محسوساته حتى تخدمه مثل الملوك.

وقال آخر: إن البصر لا يدرك المحسوسات إلا على خطوط مستقيمة والسمع يدركها من محيط الدائرة، وقال آخر: محسوسات البصر أكثرها جسمانية ومحسوسات السمع كلها روحانية، وقال آخر: النفس بطريق السمع تنال خبر من هو غائب عنها بالمكان والزمان وبطريق البصر لا ينال إلا ما كان حاضرا في الوقت.

Unknown page