153

Rasāʾil Ikhwān al-Ṣafāʾ wa-Khillān al-Wafāʾ

رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء

Genres

(15) فصل فيما يعرض للكواكب من الدوران في فلك البروج

فلهذا السبب عرض للكواكب دورانها في فلك البروج في أزمان مختلفة، بيان ذلك أنه إذا سامتت الشمس بقعة من الأرض مع أول درجة من الحمل فإن تلك تعود إلى سمت تلك القبعة بعد أربع وعشرين ساعة وهكذا دأبها دائما، أما الشمس فإنها تعود إلى سمت تلك البقعة مع الدرجة الثانية منه وهكذا دأبها دائما، وأما القمر فإنه يعود إلى سمت تلك البقعة مع الدرجة الثالثة عشرة من برج الحمل بعد أربع وعشرين ساعة بزيادة ستة أسباع ساعة بالتقريب، وفي اليوم الثالث يعود في الدرجة السادسة والعشرين من برج الحمل بعد ساعة وخمسة أسباع ساعة، وفي اليوم الرابع يعود مع الدرجة التاسعة من برج الثور بعد ساعتين وأربعة أسباع ساعة، وعلى هذا القياس تتأخر مسامتته في كل يوم لتلك البقعة مع درجة أخرى، إلى أن يحصل هذا التأخر عن فلك البروج في كل سبعة وعشرين يوما وتسع ساعات وخمس وسدس ساعة دورة واحدة، ويحصل له أيضا في هذه المدة حول الأرض سبع وعشرون دورة وكسر، ويحصل أيضا لتلك الدرجة في هذه المدة حول الأرض ثمان وعشرون دورة وكسر، وأما الشمس فهكذا حكمها وذلك بأنها إذا سامتت بقعة من الأرض مع أول دقيقة من برج الحمل فإنها تعود إلى مسامتة تلك البقعة مع الدقيقة التاسعة والخمسين من تلك الدرجة بعد أربع وعشرين ساعة وخمس دقيقة من ساعة، وفي اليوم الثاني تعود مع آخر الدرجة الثانية من الحمل، وهكذا تتأخر مسامتتها في كل يوم مع درجة أخرى إلى أن يحصل لها في فلك البروج ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وست ساعات دورة واحدة، ويحصل أيضا حول الأرض في هذه المدة ثلاثمائة وخمس وستون دورة وكسر، ويحصل لتلك الدقيقة في هذه المدة حول الأرض ثلاثمائة وست وستون دورة وكسر، وكذلك يجري حكم عطارد والزهرة، وأما المريخ فإنه إذا سامت بقعة من الأرض مع دقيقة من درجة فإنه يعود في اليوم الثاني مع الدقيقة الحادية والثلاثين من تلك الدرجة، وفي اليوم الثالث مع الدقيقة من الدرجة التي تتلوها إلى أن يحصل له في فلك البروج سنة فارسية وعشرة أشهر واثنان وعشرون يوما دورة واحدة، وفي هذه المدة أيضا يحصل له حول الأرض سبع وثمانون وستمائة دورة، ولتلك الدقيقة 688 وهي زيادة دورة واحدة.

وأما المشتري إذا سامت بقعة مع دقيقة من درجة فإنه يعود إلى سمت تلك البقعة مع الدقيقة الخامسة من تلك الدرجة، وفي اليوم الثاني مع الدقيقة العاشرة وهكذا دأبه إلى أن يحصل في فلك البروج في كل إحدى عشرة سنة وعشرة أشهر وستة وعشرين يوما دورة واحدة، ويحصل له في هذه المدة حول الأرض 4435 دورة، ولتلك الدقيقة 4336 دورة.

وأما زحل فإنه إذا سامت بقعة فإنه يعود في اليوم الثاني مع أول دقيقة ثالثة، وفي اليوم الثالث مع الدقيقة الخامسة وحصة كل يوم دقيقتان، إلى أن يحصل له في فلك البروج في كل تسع وعشرين سنة وخمسة أشهر وستة أيام دورة واحدة، ويحصل له حول الأرض في هذه المدة 9111 دورة، ولتلك الدورة 9112 دورة.

وأما الكواكب الثابتة فإنه إذا سامت واحد منها بقعة من الأرض، فإنه يعود إلى تلك البقعة مسامتا لها مع ثالثة من ثانية من دقيقة من درجة فيحصل له في فلك البروج في ست وثلاثين ألف سنة دورة واحدة، ويحصل له حول الأرض دورات كثيرة.

ولما بان لأصحاب الرصد دوران الفلك المحيط من المشرق إلى المغرب فوق الأرض، ومن المغرب إلى المشرق تحت الأرض ودوران باقي الأفلاك تابعة له بكواكبها ووجدوها مقصرة عنه عن سرعة حركته متأخرة عنه في كل يوم بقدر ما لكل دور دون الآخر كما بينا عملوا لها حسابا ودونوه في الزيجات، ليعرفوا أي وقت أرادوا مواضعها وموازاتها من فلك البروج معرفة حقيقته.

ولما تبين أصحاب الزيجات أيضا ما يعرض للكواكب من الدوران في فلك البروج بسبب إبطاء حركة أكرها عن سرعة حركة فلك المحيط سموا ما يعرض لها في فلك البروج من الدوران حركة من المغرب إلى المشرق، ليكون فرق بالتسمية بين دورانها حول الأرض ودورانها في فلك البروج.

(16) فصل في بطلان قول من يقول إنها تتحرك من المغرب إلى المشرق

وقد ظن كثير من الناظرين في علم النجوم ممن ليس له رياضة بالنظر في علم الهندسة والطبيعيات أن هذه الكواكب السيارة تتحرك من المشرق إلى المغرب مخالفة لدوران الفلك المحيط، وليس الأمر كما ظنوا وتوهموا؛ لأنه لو كان كما ظنوا لكان سبيلها أن تطلع من المغرب وتغيب بالمشرق، كما أن الفلك المحيط تطلع درجاته من المشرق وتغيب في المغرب، وقد شهدوا دورانها في فلك البروج مخالفا لدوران الفلك فسموها حركة من المشرق إلى المغرب، وشبهوها بحركات نملات تتحرك على وجه الرحى مستقلة بحركتها معاندة مخالفة لها في حركاتها والرحى بسرعة حركتها ترد تلك النملات إلى دورانها، فلو كان كما قالوا حقيقة لكانت حركتها سبعة فقط؛ لأنها سبعة كواكب، والأمر بخلاف ذلك؛ لأن أصحاب سيارة الرصد ذكروا أنها خمس وأربعون حركة كما سنبين بعد، وقالوا: إن القمر أسرع الكواكب حركة فلو كان كما ذكروا لدار حول الأرض في أقل من أربع وعشرين ساعة، وقد بينا أنه يدور في أكثر من ذلك، ولو كانت حركاتها بالقصد معاندة لحركات الفلك المحيط لوجب أن تكون طباعها مخالفة لطباع الفلك المضادة لها، وكان يجب أن يكون لها خمس وأربعون طبيعة؛ لأنها خمس وأربعون حركة، وليس الأمر كما ظنوا وتوهموا، بل طبيعة الأفلاك والكواكب كلها طبيعة واحدة في الحركة الدورية وقصدها قصد واحد، وإنما اختلفت حركاتها في السرعة والإبطاء من أجل أنها في الأفلاك محركات ومتحركات كما بينا قبل، ومن أجل اختلاف حركاتها في السرعة والإبطاء اختلفت أزمان أدوارها حول الأرض، ومن أجل اختلافها حول الأرض اختلفت أدوارها في فلك البروج كما بينا، وأما مثل اختلاف دورانها حول الأرض كدوران الطائفين حول البيت الحرام.

(17) فصل في أن مثال دورانها حول الأرض كدوران الطائفين حول البيت الحرام

Unknown page