قيل له: لأن الشكر إنما هو شكر النعمة التي كانت للمشكور على الشاكر فلما لم يكن للعباد على الله نعمة، لم يجز أن يكون شاكرا لهم على الحقيقة ولكن لما كان مجازيا للمطيعين على طاعتهم، جعل مجازاته على هذه الطاعات، شكرا منه لهم، على المجاز.
والشكور من الناس: الذي يرضى بالقليل من العطاء.
كذلك ويقال لمن قدر عليه الرزق: شكر الله، أي قنع بالقليل. وبالله التوفيق.
الباب الرابع والعشرون والمائتان
في الحميد
أبو عبيدة: الحميد: معناه المحمود وحمد الله: هو الثناء عليه. وحميد: معناه محمود على نعمته، وحسن تدبيره.
قال أبو محمد: الحميد: معناه أن كل من استحق الحمد، وكثر منه فعل، يستحق عليه الحمد، سمى حميدا، أو محمودا.
مسألة:
فإن قال: أفتزعمون أن الله تعالى حمد نفسه، بقوله: الحمد لله.
قيل له: نعم. وإنما قوله: الحمد لله بيان لعباده، كيف يحمدونه.
وكذلك إن قال: أفتزعمون أن الحمد هو الشكر؟
قيل له: لا؛ لأن الحمد هو ضد الذم. والشكر: هو الاعتراف بالنعم وضده الكفر. وهما مختلفان.
وكذلك مدح الله نفسه، بصفات ذاته، بحسن نظره لعباده. وأراد أن يبين ذلك للعباد صفاته ومدحه، ليمدحوه بمثل ما مدح نفسه. وبالله التوفيق.
الباب الخامس والعشرون والمائتان
في الواسع
الواسع: المحيط بكل شيء.
وقيل: الواسع: الغني يقال: أعطى من سعة. أي من غنى.
قال الله تعالى: { لينفق ذو سعة من سعته } أي ذو غنى من غناه.
قال أبو عبيدة في قوله تعالى: { إن الله واسع عليم } أي جواد يسع ما سئل. يقال: وسع الله على فلان، أي أغناه.
وقيل: يقال: الله الواسع؛ لأنه وسع على عباده في دينه، فلا يضطرهم إلى ما يعجزون عن أدائه.
وقيل أيضا: إنه يسع علم كل شيء، ولا يخفى عليه شيء، من أفعال عباده، يقوله تعالى: { وسع كل شيء علما } وبالله التوفيق؟.
الباب السادس والعشرون والمائتان
Page 174