392

Matmah Amal

مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال

Genres

Sufism

[مفسدة أخرى: الهدايا المحرمة]

ومنها ما تعودوه من أخذ الهدايا المحرمة عليهم وقعدوه لأنفسهم في مواقيت من العام بواسطة عرفاء الجهة مع ما تعودوا أخذه من عين مال المسلم المحرم من الأمور التي يسمونها شائبا، يعسفون ضعفاء الرعية في أخذه، ويكلفون فقراء المسلمين بتسليمه ، ويسلطون عسكر عامل الجهة إن عجزوا عنه حتى يأتوا به؛ وهذا مما ورد النص بتحريمه.

أخرج أئمتنا والشيخان وأبو داود من حديث أبي حميد الساعدي أنه صلى الله عليه وآله وسلم استعمل رجلا من الأزد يقال له: ابن اللبتية -بضم اللام بعدها موحدة[125ب]ساكنة، ثم تاء فوقية مفتوحة وهي أمة؛ فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي لي، فقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ((أما بعد: فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيقول: هذا لكم وهذا هدية أهديت لي؛ أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقا، والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله تعالى بحمله يوم القيامة، إن كان بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر، ثم رفع يديه حتى رؤي بياض إبطيه يقول: اللهم هل بلغت)). وتيعر بمثناة فوقية مفتوحة، ثم ياء مثناة تحتية ساكنة بعدها مهملة مفتوحة، واليعار صوت الشاة؛ وعلة التحريم إنها إنما تكون إلى الولاة طمعا في عدلهم أو خوفا من جورهم، فهي في مقابلة واجب أو تركه محظور، وذلك من الرشوة المحرمة، وما أخذ منها بهذه الصفة لا يسوغه إذن الإمام إجماعا، ولا يحل أخذه إلى بيت مال المسلمين ولو أذن الإمام؛ وإنما يصير بيت مال منها ما جاء إلى العامل عفوا لا في مقابلة واجب ولا دفع محظور؛ وهذا هو الذي يسوغه إذن الإمام عند البعض، ولا وجود له في هذه الأزمنة أصلا، فتحريم الأخذ الآن إجماع.

Page 439