77

Maqsad Asna

المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى

Investigator

بسام عبد الوهاب الجابي

Publisher

الجفان والجابي

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٧ - ١٩٨٧

Publisher Location

قبرص

وَمن لم يحط علما بتفاصيلها وَلَا بجملتها فَلَا يكون مَعَه مِنْهَا إِلَّا مَحْض التَّفْسِير واللغة وَلَا مطمع فِي الْعلم بتفصيلها فَإِنَّهُ لَا نِهَايَة لَهُ وَأما الْجُمْلَة فللعبد طَرِيق إِلَى مَعْرفَتهَا وبقدر اتساع مَعْرفَته فِيهَا يكون حَظه من معرفَة الْأَسْمَاء وَذَلِكَ يسْتَغْرق الْعُلُوم كلهَا وَإِنَّمَا غَايَة مثل هَذَا الْكتاب الْإِيمَاء إِلَى مفاتحها ومعاقد جملها فَقَط تَنْبِيه حَظّ العَبْد من الْعدْل لَا يخفى فَأول مَا عَلَيْهِ من الْعدْل فِي صِفَات نَفسه وَهُوَ أَن يَجْعَل الشَّهْوَة وَالْغَضَب أسيرين تَحت إِشَارَة الْعقل وَالدّين وَمهما جعل الْعقل خَادِمًا للشهوة وَالْغَضَب فقد ظلم هَذَا جملَة عدله فِي نَفسه وتفصيله مُرَاعَاة حُدُود الشَّرْع كلهَا وعدله فِي كل عُضْو أَن يَسْتَعْمِلهُ على الْوَجْه الَّذِي أذن الشَّرْع فِيهِ وَأما عدله فِي أَهله وَذَوِيهِ ثمَّ فِي رَعيته إِن كَانَ من أهل الْولَايَة فَلَا يخفى وَرُبمَا يظنّ أَن الظُّلم هُوَ الْإِيذَاء وَالْعدْل هُوَ إِيصَال النَّفْع إِلَى النَّاس وَلَيْسَ كَذَلِك بل لَو فتح الْملك خزانته الْمُشْتَملَة على الأسلحة والكتب وفنون الْأَمْوَال وَلَكِن فرق الْأَمْوَال على الْأَغْنِيَاء ووهب الأسلحة للْعُلَمَاء وَسلم إِلَيْهِم القلاع ووهب الْكتب للأجناد وَأهل الْقِتَال وَسلم إِلَيْهِم الْمَسَاجِد والمدارس فقد نفع وَلكنه قد ظلم وَعدل عَن الْعدْل إِذْ وضع كل شَيْء فِي غير مَوْضِعه اللَّائِق بِهِ وَلَو آذَى المرضى بسقي الْأَدْوِيَة والفصد والحجامة وبالإجبار على ذَلِك وآذى الجناة بالعقوبة قتلا وقطعا وَضَربا كَانَ عدلا لِأَنَّهُ وَضعهَا فِي موَاضعهَا وحظ العَبْد دينا من مُشَاهدَة هَذَا الْوَصْف الْإِيمَان بِأَن الله ﷿ عدل أَن لَا يعْتَرض عَلَيْهِ فِي تَدْبيره وَحكمه وَسَائِر أَفعاله وَافق مُرَاده أَو لم

1 / 100