Maqasid Caliyya

Shahid Thani d. 966 AH
186

Maqasid Caliyya

المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية

وثانيها: أن المفهوم من قوله: (توجه المصلي إليها إن علمها) كون المراد بها عين الكعبة، فإن ذلك هو الواجب عنده مع الإمكان. وإنما تعتبر الجهة عند تعذر العلم بالعين، وحينئذ فقوله: (وإلا عول على أماراتها) يدل على كون الأمارات المذكورة دالة على العين.

وليس كذلك، وإنما هي أمارات الجهة. ولو سلم أنها أمارات العين بوجه، فليس في العبارة إشعار بالفرق بين القريب والبعيد بالنسبة إلى العين والجهة. واللازم على مذهبه التفصيل، كما مر.

ووجه العذر عنه أنه لا حظ إيجاز العبارة- كما هي عادته في الرسالة- وأتى بعبارة تؤدي الواجب بالنسبة إلى المصلي وإن لم يحصل منها تفصيل المسألة؛ وذلك لأن قسم العلم يتناول من في مكة ومن قاربها ممن لا يتعذر عليه العلم بها لحبس أو مرض ونحوهما. وترك التصريح بكون القبلة هي الكعبة؛ لظهور أمرها وأمن اللبس وحكم في صورة الجهل بها بالتعويل على الأمارات وهي مقيدة للعلم بالقبلة، أي الشيء الذي يجب استقباله أعم من العين والجهة، والأمارات المذكورة محصلة لها.

ولو ضويقنا في إرادة الكعبة فالأمارات المذكورة تؤدي إلى الظن بكون الكعبة في سمته عند تحريرها على وجهها، وليس المراد من الأمارات إلا إفادة الظن، فإن الأمارة هي الدليل الظني. وقد صرح المصنف في تعريفه للجهة- الذي حكيناه عنه- بكونها السمت الذي يظن كون الكعبة فيه (1)، فاعتبر حصول الظن للمصلي بذلك، وهو مطابق للتعويل على الأمارة.

والتحقيق: أن الأمارات المذكورة وغيرها إذا حرزها العارف عرف بها جهة القبلة يقينا لا ظنا، وقد يستفيد منها سمت العين ظنا، كما يعرفه من يطلع على مباحث القبلة في العلم المعدلها، فإن ذلك ليس من وظائف الفقيه.

وثالثها: أنه جعل الواجب الثاني- وهو قوله: (توجهه إلى أربع جهات إن جهلها)-

Page 192