Maqasid Caliyya
المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية
Genres
واحترزنا بالقيد الأخير عن المتحير في الجهة؛ لعدم علمه بالعلامات، أو لفقدها كحالة الغيم، فإنه يجوز على كل جزء من جميع الجهات كون الكعبة مسامتة له، فلو لا القيد لزم الاكتفاء بصلاته إلى أي جزء شاء من الجهات الأربع.
وكذا المتحير في جهتين أو ثلاث مع علمه بانتفائها عما زاد على ذلك، فإنه يجوز على ما تحير فيه كون الكعبة فيه. والواجب عليه الصلاة إلى أربع جهات أو ثلاث أو أقل على حسب تحيره، فلو لا القيد الأخير لانتقض التعريف في طرده، فتدبر هذه الجملة، فإنها من المهمات.
وبقي في عبارة المصنف أمور:
أحدها: أن الظاهر من سياق الكلام ومدلول المقام، أن الضمير المجرور في قوله:
(فيها) يعود إلى القبلة، وكذا الضمير في قوله: (توجه المصلي إليها إن علمها).
وفي كون الأمرين معتبرين في نفس القبلة تجوز، وإنما اعتبارهما حقيقة في الصلاة، أما القبلة- التي هي عين الكعبة أو جهتها- فلا اعتبار فيها لشيء منهما.
وهذا بخلاف ما تقدم من الأمور المعتبرة في باقي الشرائط من المكان والساتر وغيرهما، فإنها معتبرة في نفس الشرائط، ككونه طاهرا مباحا، إلى غير ذلك. وليس في نفس القبلة اعتبار شيء من هذين، إلا أن باب التجوز واسع.
وأجود وجوهه هنا أن يريد بالقبلة الاستقبال، فإن الشرط حقيقة في الصلاة ليس هو القبلة؛ لأنها ليست من الأفعال الشرعية، وإنما هو الاستقبال للقبلة لتلحق بموارد التكليف.
وحينئذ فاعتبار الأمرين فيه متوجه.
أما الأول، فظاهر.
وأما الثاني، وهو التوجه إلى الأربع مع جهلها؛ فلأنه قائم مقامه، وكأن الصلاة المتكررة إلى الجهات موجبة للتوجه إليها في إحداها، أو إلى ما يقوم مقامها، وهو الانحراف اليسير الذي لا يبلغ حد اليمين واليسار، وسيأتي له زيادة تحقيق إن شاء الله تعالى.
Page 191