قالَ: ثُمَّ يكونُ ماذا؟ قالَ: ثم يكونُ منكَ رجلٌ شرَّابٌ للخمرِ، سفَّاكٌ للدماءِ، يحتجِنُ الأموالَ، ويصطنعُ الرجالَ، ويُجَنِّدُ الجنودَ (١)، ويُبيحُ حُرْمَةَ الرسولِ. قالَ: ثم ماذا؟ قالَ: ثُمَّ تكونُ فتنةٌ تَتَشَعَّبُ بأَقوامٍ، حتى يفضِيَ الأمرُ بها إلى رجلٍ أعرفُ نعتَهُ، يبيعُ الآخرةَ الدائمةَ بحظٍّ من الدنيا مخسوسٍ، فيُجْتَمَعُ عليه مِن آلِكَ وليسَ منكَ. لا يزالُ لعدوِّه قاهِرًا، وعلى مَنْ ناوأَهُ ظاهِرًا، ويكونُ له قرينٌ مُبِيرٌ لعينٌ.
قالَ: أَفَتَعْرِفُهُ إنْ رأيتَهُ؟ قالَ: شدَّ ما. فأراه مَنْ بالشامِ من بني أُمَيَّةَ. فقالَ: ما أراهُ هاهنا فوجَّهَ به إلى المدينة معَ ثِقاتٍ مِن رُسلِهِ، فإذا بعبد الملك بن مروان يَسْعَى مؤتزرًا، في يدِهِ طائرٌ. فقال للرسل: ها هوذا. ثُمَّ صاحَ بِهِ: إليَّ أبو مَنْ؟ قالَ: أبو الوليد. قال: يا أبا الوليد إنْ بَشَّرْتُكَ ببُشارةٍ تسرُّكَ ما تجعلُ لي؟ قالَ: وما مِقدارُها من السرور حتى نَعْلَمَ مَا (٢) مِقدارُها من الجُعْلِ؟ قالَ: أن تملكَ الأرضَ. قالَ: ما لِي من مالٍ ولكنْ أرأيتَ إنْ تكلفت لكَ جُعْلًا أأنالُ ذلكَ قبل وقتِهِ؟ قالَ: لا. قالَ: فإنْ حرمتُكَ، أتؤخره عَنْ وَقْتِهِ؟ قالَ: لا. قالَ: حسبُكَ ما سَمِعْتَ.
هكذا رَوَى أبو العباسِ وغيرُهُ هذا الخبرَ: مِن آلِك وليسَ منكَ، بإضافةِ (آل) إلى الكاف. وأبو العباس من أئمةِ اللغةِ المشهورين بالحفظِ والضبطِ.
_________
(١) في الكامل: ويجنب الخيول.
(٢) (ما): ساقطة من ب.
1 / 28