وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون
وحكى البغوى عن الواقدى أن جميع ما فى القرآن من لعل فإنها للتعليل إلا قوله
لعلكم تخلدون
فإنها للتشبيه، وكذا قال ابن أبى حاتم من طريق السدى عن أبى مالك، ونص البخارى أنها فى
لعلكم تخلدون
للتشبيه، وعن قتادة كان فى بعض القراءات كأنكم تخلدون، وكونها للتشبيه غريب، والتعليل أيضا ضعيف، والصحيح أنها للترجى أو التوقع مصروف إلى البشر حيث وردت من كلام الله عز وجل ، وقد أطلت البحث عن ذلك فى النحو، وإذا استعملت فى شأن عظيم، فهى للترجى كذلك، واليقين إنما يفيده الحال، حال ذلك العظيم إذ كان تلويحه بشىء على طريق غير الجزم جزما، لأنه عظيم الوفاء والغنى عما طلبه منه غيره، فلا يمنعه عنه، قال الشاعر
وقلتم لنا كفوا القتال لعلنا نكف ووثقتم لنا كل موثق
فلولا أنها لليقين ما قال وثقتم لنا كل موثق، إلا أن يقال هى فيه للتعليل، والآية تدل على أن التقوى فوز بالهدى وفلاح، مستوجبان لرضى الله وثوابه، وإن التقوى منتهى درجات السالكين، وهى ترك المعاصى والإعراض عما سوى الله تعالى، ووجه إرشاد الآية أنها إلى منتهى درجاتهم، أنها جعلت غاية للعبادة، أى اعبدوه تصلوا هذه الدرجة، أو خلقكم والذين من قبلكم على أن تناولوا التقوى، وتدل الآية أيضا على أن العابد لا يغتر بعبادته، بل يرجو ويخاف كقوله عز وجل
يدعون ربهم خوفا وطمعا
وقوله
Unknown page