298

Hamayan Zad

هميان الزاد إلى دار المعاد

Genres

والأمر للوجوب، ومن القياس أن السعى أشواط شرعت فى بقعة من بقاع الحرم، ويؤنى فى إحرام، فكان ركنا كطواف الزيارة. وعن أنس كان السعى بينهما ملة أبيكم إبراهيم وإسماعيل،

" وعن جابر بن عبدالله الأنصارى، صاحب النبى، صلى الله عليه وسلم، أنه قال لا حج لغريب ولا لقريب إلا بطواف بين الصفا والمروة. وسأل جابر بن عبدالله هل تحل النساء للرجال قبل الطواف بين الصفا والمروة؟ فقال لا. أما من كان من أهل الآفاق فإنه يطوف بينهما قبل أن يأتى منى، وأما من كان من أهل مكة فبعد ما يرجع من منى. وعن عطاء أهل مكة يبدءون بمنى، وأهل الآفاق يبدءون بالطواف ".

واختار ابن العربى أنه فرض كذلك، وحجة من قال إنه غير واجب قوله تعالى { فلا جناح } فإن مثل هذا يقال فى غير الواجب، وقوله عز وعلا { ومن تطوع خيرا } قال مجاهد يعنى من تنقل بالسعى وأدخله فى حجه أو عمرته، وأجيب بأن نفى الجناح صادق فى الواجب والمندوب والمباح، وصادق بالجائز المقابل للمنوع والجائز المقابل للممنوع صادق بالواجب وغير الواجب، فلا يكون دليلا على عدم الوجوب، وبأن تطوع الخبر مراد به سائر العبادات النافلة، كصلاة نفل وصومه وحجه وعمرته وصدقته وطوافه بالبيت ونحو ذلك. قاله الحسن، وهو الأولى من قول مجاهد، أن المراد زاد فى الطواف بعد الواجب. { ومن تطوع خيرا } عالج طاعة واكتسبها فرضا كانت أو نفلا، وليس التطوع مختصا بالنفل، كما يستعمل فى عبارات المصنفين، أو عالج طاعة زائدة على ما وجب عليه من حج أو عمرة أو طواف أو عالج نفلا بالسعى، كما مر عن مجاهد، وعلى كل فالنفل للعلاج.

وقرأ حمزة والكسائى ويعقوب يطوع بمثناة تحتية وتشديد الطاء كالواو مفتوحتين وإسكان العين أصله يتطوع، أبدلت التاء طاء وأدغمت فى الطاء، وقرأ عبدالله بن مسعود يتطوع على الأصل بلا إبدال ولا إدغام، وخيرا نعت لمصدر محذوف، أى زمن تطوع تطوعا خيرا، أو منصوب على نزع الخافض، أى ومن تطوع بخير أو مفعول به لتطوع على تضمينه معنى أتى أو فعل، أى ومن أتى خيرا أو فعل خيرا أو نحو ذلك، مثل عالج خيرا أو اكتسب خيرا. { فإن الله شاكر } مثيب على الطاعة، استعمل الشكر بمعنى الإثابة، لأنه من المخلوق سببها من الله، وملزوم لها أو لشبهة بها فى الجملة، وحقيقته إظهار النعمة على جهة المدح للمنعم بها، والله تعالى لا يوصف بذلك لأنه الغنى عن كل شئ فى كل زمان، وقيل الازمان، وهو النافع الضار، كل نعمة منه لا يوصف بنفع ولا بضر. { عليم } بذلك الخير المتطوع به، وبالنيات وبكل شئ، لا يخفى عنه قول ولا عمل ولا اعتقاد.

[2.159]

{ إن الذين يكتمون } أحبار اليهود والنصارى، ودخل غيرهم فى حكم الآية بالمعنى، من كل كاتم لعلم أو حق، ويجوز أن يكون المراد فى الآية كل كاتم من اليهود والنصارى وغيرهم، لعموم لفظ الذين يكتمون، ولو كان سبب نزول الآية خاصا وهو اليهود والنصارى، وهم أول من فتح كتمان أمر محمد، صلى الله عليه وسلم، ودخل الأحبار وغيرهم أيضا من كل من علم بالسمع عن كتاب الله، او عن خبر صحيح من أسلافه، أو عن غير ذلك كعامة اليهود والنصارى، والكتمان هو ترك إظهار الشئ مع الحاجة إلى بيانه، وإن شئت فقل إخفاءه مع الحاجة إلى بيانه، بل هذا أحسن لأنه يشمل ما إذا ظهر أو كان يظهر ثم أخفاه. { ما أنزلنا } فى التوراة والإنجيل، ودخل غيرهما فى ذلك بالمعنى، كالقرآن وغيره من كتب الله جل وعلا، ويجوز أن يكون المراد ما أنزلنا فى التوراة والإنجيل والقرآن وغيره من الكتب الإلهية، ولو كان سبب نزول الآية كتمان ما أنزل الله جل وعلا فى التوراة والإنجيل، لعموم لفظ ما أنزلنا. { من البينات } العلامات الواضحة على نبوة محمد، صلى الله عليه وسلم، ورسالته صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين كلهم وصفته. { والهدى } هو سائر أحكام الله وحدوده وأمره ونهيه كآية الرجم، أو المعنى ما يهدى إلى وجوب اتباعه والإيمان به، صلى الله عليه وسلم، وعن الكلبى البينات ما كتموه من نعت الله، عز وجل، سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم، فى كتبهم، والهدى ما آتاهم به أنبياؤهم، وقيل البينات الإسلام لظهور كونه حقا، والهدى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه يهدى إلى الحق، أى ومن أمر الهادى أو ذى الهدى وسماه الهدى مبالغة. { من بعد ما بيناه للناس } عموما اليهود والنصارى وغيرهم، وقيل المراد اليهود والنصارى، والمراد بالذين يكتمون أحبار اليهود والنصارى، وقيل أحبار اليهود ودخل غيرهم بالمعنى. { فى الكتاب } التوراة والإنجيل، فأل للجنس الصادق باثنين، وقيل التوراة، ودخل غير ذلك من كتب الله، جل وعلا ، بالمعنى. وقيل المراد التوراة والإنجيل والقرآن وغيرها من كتب الله سبحانه وتعالى. { أولئك يلعنهم الله } يبعدهم عن رحمته ورضاه، وعنه صلى الله عليه وسلم

" من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة، بلجام من النار "

رواه الشيخ هود، رحمه الله، موقوفا على عطاء، وهو مرفوع كما رأيت. قال ابن العربى من قصد الكتمان عصى، وإن لم يقصده لم يلزمه التبليغ إذا عرف أن معه غيره، يعنى ما لم ير البدع وهو ما خالف دين الله. روى البخارى ومسلم عن أبى هريرة لولا آيتان أنزلهما الله فى كتابه ما حدثت شيئا أبدا { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى } ،

وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه

إلى آخر الآيتين. وإظهار علم الدين فرض كفاية عندنا وعند جمهور الأمة، وقيل فرض عين ليشهر الإسلام، ويتمكن فى قلوب الناس، وصحح بعض الشافعية أنه إذا ظهر للبعض بحيث يتمكن كل واحد من الوصول إليه، لم يكن مكتوما يعنى ما لم تر البدع، وإلا وجب نشره، وقيل متى سئل عن شئ من أمر الدين وجب عليه إظهاره وإلا فلا يعنى ما لم ير البدع، ويعنى سؤال استرشاد، وكان أبو بكر وعمر لا يحدثان، رضى الله عنهما، بكل ما سمعا من النبى، صلى الله عليه وسلم، وإنما يحدثان عند الحاجة وكان الزبير أقلهم حديثا. وقال ابن العربى أما من سئل فقد وجب عليه التبليغ لهذه الآية، وأما إن لم يسأل فلا يلزم التبليغ إلا فى القرآن وحده، وعنه صلى الله عليه وسلم

Unknown page