181

Hamayan Zad

هميان الزاد إلى دار المعاد

Genres

وقرأ تشابهت بهذا الضبط كله نفسه إلا الشين فمشددة. وقرأ تشابه بمثناة فوقية وتشديد الشين والموحدة المفتوحة وضم الهاء وإسقاط الألف، وأصله تتشبه كتتكلم بمعنى تتشابه، وقرأ يشبه بهذا الضبط كله نفسه إلا أن أوله مثناة تحتية. وقرأ إن البقر متشابه بميم مضمومة ومثناة فوقية وشين مفتوحتين خفيفتين وكسر الموحدة بعد الألف، وضم الهاء منونة، وقرأ متشابهة بذلك الضبط إلا أن الهاء مفتوحة بعدها تاء مضمومة منونة. وقرأ إن البقر مشبهت بضم الميم وإسكان الشين وكسر الموحدة وفتح الهاء بعدها تاء مضمومة، وقرأ إن البقر مشتبه بذلك الضبط كله إلا أن الهاء مضمومة منونة لا تاء بعدها وقرأ إن البقر تشابه بتشديد التاء والشين وفتح الباء والهاء أصله تتشابه أدغمت التاء فى التاء وجلبت همزة الوصل. { وإنا إن شاء الله لمهتدون } إلى وصفها، أو إلى الذى يراد ذبحها، والمعنى واحد أو إلى القاتل. وفى هذا الكلام منهم انقياد وإنابة وما تلويح وإقرار بأنهم قد تباطئوا وتطاولوا عن الامتثال، وإشعار ما بأنهم ندموا بعض ندم، وبأنهم قد حرضوا الأن على الموافقة، وعنه صلى الله عليه وسلم

" لو لم يستثنوا لما بينت لهم آخر الآبد "

وفى رواية

" لولا ما استثنوا ما اهتدوا إليها أبدا "

، وما الأولى مصدرية إلى لولا استثناؤهم، وتسمية مثل قولك إن شاء الله استثناء حقيقة فى اللغة والشرع، لأنك تقول أقوم، إن أراد زيد فتخص قيامك بإرادته، ولو قلت أقوم، لكان المعنى أقوم أراد أو لم يرد. فقولك إن أراد إخراج من عموم أقوم، والمراد الآخر الأبد آخر أبد الدنيا، وإلا فالأبد لا آخر له، وفى قولهم إن شاء الله إقرار بأن الاهتداء لا يحدث إلا بارادة الله تعالى، وكذا لا يحدث نقص شئ ولا زيادة شئ إلا بإذن الله عز وجل، وفى الآية عندنا وعند قومنا دلالة على أن الأمر بالشئ قد ينفك عن إرادة وقوعه، كما يأمر الله عز وجل الكفار بالإيمان، وقد قضى وأراد أنهم لا يؤمنون، وكذا النهى عن الشئ قد لا ينفك عن وقوعه كما ينهاهم عن شئ، وقد قضى وأراد أني يفعلوه، وهذه الإرادة بمعنى القضاء، فهى غير حادثة، وذلك أنه أمرهم بالذبح فقالوا إن شاء الله، فاشترطوا للاهتداء مشيئته، فدل أنه لو لم يشأ لم يهتدوا، ولو أمرهم وصح الاستدلال بمقالهم، لأن ظاهره أمر شرعى ولم يزجروا عنه، فدل على أنه شرعى مقبول. وقالت المعتزلة والكرامية إن الإرادة حادثة لأنهم قالوا إن شاء الله بالشرط، والشرط مستقبل، ويرده أن المراد إن ثبت أن الله أراد فى الأزل اهتداؤنا، وما تعليقهم الاهتداء بمشيئته إلا لكونه متعلقا بها، وأقول أما الإرادة المقارنة للفعل أو الترك، فحادثة قطعا وهى توجيه أسباب الفعل أو الترك.

[2.71]

{ قال } موسى. { إنه } أى الله أو الشأن. { يقول } أى الله. { إنها بقرة لا ذلول } لا وما بعدها نعت بقرة، على حد ما مر فى { لا فارض } أى بقرة غير ذلول أو بقرة لا هى ذلول أو لا عاطفة على نعت محذوف، أى بقرة مستصعبة لا ذلول، وذلول فعول بمعنى فاعل، ولذلك لم يقل ذلولة بالتاء. ولو كان بمعنى مفعول لقيل ذلولة لكون الغالب ذلك وهو صفة مبالغة، أى غير كثيرة الذل لأنها لم تذلل لشق الأرض وسقيها للزرع، وإنما فيها الذل المخلوق فى مطلق الأنعام كما قال الله تعالى { وذللناها لهم } وقرأ أبو عبدالرحمن السلمى لا ذلول بفتح اللام على أن لا هى العاملة عمل أن وخبرها محذوف، والجملة نعت بقرة، أى لا ذلول فى الموضع الذى هى فيه، وذلك كناية عن أنها غير ذلول، إذ لو كانت ذلولا لكان فى الموضع الذى هى فيه حيوان ذلول هو هى، كما يقال مررت برجل لا بخيل ولا جبان أى فى الموضع الذى هو فيه. { تثير الأرض } تقلب الأرض للزراعة، والجملة نعت ذلول أو بقرة داخلة فى النفى، أى انتفى ذلها، وانتفى إثارتها الأرض هذا هو الصحيح، ومذهب الجمهور. وقال بعضهم إنها مستأنفة مثبتة ، أى من صفتها أنها تثير الأرض ولا تسقى الحرث، وعلى الإثبات بجو كونها نعت ذلول كأنه قيل ليست بالذلول التى تثير الأرض، وإن قلت يلزم على هذا أن يفهم من الكلام أنها الذلول التى لا تثير الأرض؟ قلت لا يلزم. لأن الكلام حينئذ يكون من القضايا التى تصدق بنفى الموضوع من أصله، أى لا ذلول هنا أصلا مثيرة ولا غير مثيرة. { ولا تسقى الحرث } معطوف على تثير الأرض، فهى فى حكمه من استئناف أو نعت، وإنما أعيدت لا على جعل تثير داخلا فى النفى للتأكيد، وليكون الكلام نصا فى عموم السلب بعد تسليم دخول تثير فى النفى، ولو أسقطت لا لكان محتملا لسلب العموم، وقرئ تسقى بضم التاء من أسقى بالهمزة، والساقية والمسقية التى ترفع الماء من البئر للزراعة مثلا كما هنا. { مسلمة } سلمها الله عز وجل من العيوب، قاله ابن عباس وغيره. وقال مجاهد سلمها الله من الألوان وجعل لونها واحدا، وعلى هذا الوجه يكون قوله { لا شية فيها } تأكيدا له فى المعنى، وكالنتيجة له فيكون قوله { لا شية } بمعنى سلمت من الألوان، كأنه قيل سلمها الله فسلمت، والمعنى لم يخالط صفرتها لون آخر ولو قليلا، ويقال سلم له كذا إذا خلص له، وقيل سلمها أهلها. قلت أو الله من العمل، لأن كل ما فعله مخلوق فالله خالقه وليس قوله مسلمة بناء مبالغة من السلامة، كما قيل لأن التشديد فى هذه الكلمة للتعدية ولا تحصل التعدية بدونه وبدون الهمزة فى مادة السلامة من هذا المعنى، ولولا التشديد لقيل سالمة أو سليمة، إلا أن يراد أن التعبير بالتسليم أو كد منه بالسلامة ترجيحا للنسبة الإيقاعية على الوقوعية، ولأن التشديد يكون فى الجملة للتأكيد.

{ لا شية فيها } الشية النكتة وهى لون يخالف سائر لون الجسم، وأصله مصدر بمعنى إثبات النكتة، ثم سميت به النكتة نفسها، يقال وشاه يشيه وشاء وشيئة، كوعد يعد ووعد عدة إذا خلط لونه بلون آخر كالرقم والخطوط فى الثوب، ففاء الكلمة محذوف، والمعنى أنه ليس فى تلك البقرة لون سوى الصفرة، حتى قال صاحب الكشاف وهو المعبر عنه بجار الله أن قرنها وظلفها أصفران، وعلى مقتضى كلامه نحكم بأن أهداب عينها صفر أيضا وهذا لم يخطر ببالى حتى اطلعت عليه فى كلامه، وإنما أخذه من عموم النفى والذى عندى أن الله سبحانه إنما نفى الشيه والشئ إنما ينفى عادة عما قد يتوهم ثبوته فيه والعادة لم تجر بتسمية لون القرن والظلف نكتة ولا شية. وإنما تسمى ما خالف فى الجلد باقيه، وقول ابن زيد صفراء كلها لا يعين ما قاله الكشاف، بل يحتمل ما ذكرته. وقال مجاهد لا شية فيها لا سواد ولا بياض، وهو تمثيل بنفى الألوان لا تخصيص بنفى اللونين، وقال قتادة لا بياض فيها، وعن عطاء لا عيب فيها، والتحقيق ما ذكرته أولا وهو قول الجمهور ومحمد بن كعب. { قالوا الآن } ظرف زمان مبنى على الفتح لأنه اسم إشارة، فلو دخل عليها جار كن وإلى لبقى مفتوحا. { جئت بالحق } أى الحق الواضح أو بالحق التام، لأن موسى لا يجئ إلا بالحق، فالآية من باب حذف النعت، لأنهم أرادوا أنه جاء بالحق الآن فقط، وجاء قبل ذلك بباطل لكفروا. قال ابن هشام فى حذف الصفة { قالوا الآن جئت بالحق } أى الواضح وإلا كان مفهومه كفرا.. انتهى. ويجوز كون أل للكمال وتقديم الآن للحصر، أى ما جئت بالحق الذى يوضح لنا البقرة وصفتها، ويحققها إلا الآن وما جئت به قبل ذلك من وصفها حق خفى لم يكف، ويحتمل أن ينفوا الحق إلا الآن على جهة غلظ الطبع والجفاء، لا على جهة قصد العناد ولا يعذرون فى هذا. وقرئ الآن بالاستفهام فهو على هذه القراءة بهمزة ممدودة بألف أل، سواء لم تنقل حركة همزة أن إلا لام أل ولم تحذف همزة أن أم نقلت حركتها، وحذفت كما قرأ نافع فى رواية ورش، فإنه كان يلقى حركة الهمزة على الساكن قبلها فيتحرك بحركتها، وتسقط هى من اللفظ وذلك إذا كان الساكن غير مد، وكان آخر كلمة والهمزة أول كلمة أخرى، سواء كان الساكن تنوينا كقوله تعالى

ولم يكن له كفوا أحد

أو لام أل نحو الأرض فان أل كلمة أخرى غير التى بعدها أو سائر حروف المعجم، نحو من آمن، و ألم أحسب وبناء ابنى آدم، واستثناء أصحاب أبى يعقوب عن ورش كتابيه إنى ظننت فسكنوا الهاء لأنه جئ بها للوقف والنقل، إنما هو فى الوصل، قال أبو عمرو الدانى وبذلك قرأت على مشيخة المصريين، وبه أخذ. وقرأ الباقون بتحقيق الهمزة فى جميع ما تقدم مع تخلص الساكن قبلها، واختلفوا فى

Unknown page