Al-Durr al-Farīd wa-Bayt al-Qaṣīd
الدر الفريد وبيت القصيد
Editor
الدكتور كامل سلمان الجبوري
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
Genres
الأَنْفُسِ أشَدَّ عَلَقًا، وَفِي الآذَانِ أنْفَذَ مَسْلَكًا، فَيَكُوْنَ عَلَى رَأْيِي مُسْتَحِقًّا لَهُ، وَعَلَى رَأْي المُتَقَدِّمِيْنَ أَحَقَّ بِهِ مِمَّنْ ابْتَدَعَهُ، لَا سِيَّمَا إِذَا أخْفَى مَخَايلَهُ، وَأسَرَّ تَنَاوُلَهُ، وَزَادَ عَلَيْهِ زِيَادَةً مُسْتَحْسَنَةً، أَوْ اتَّفَقَ لَهُ نَقْلُهُ مِنْ طَرِيْقٍ سَلَكَ بِهِ شَاعِرُهُ إِلَى مَعْنًى غَيْرِهِ، أَوْ عَكَسَهُ، إِنْ كَانَ تَشْبِيْهًا، أَوْ تَمَّمَهُ إِنْ كَانَ نَاقِصًا. فَحِيْنَئِذٍ تَظْهَرُ قُدْرَةُ الصِّنَاعَةِ،
= فَأَخَذَ هَذَا عَنْتَرَةُ وَأَحْسَنَ فَقَالَ (١):
يُنْبِيْكَ مِنْ شَهْدِ الوَقِيْعَةِ إِنَّنِي ... أَغْشَى الوَغَا وَأَعُفُّ عِنْدَ المَغْنَمِ
وَهَذَا البَيْتُ أَكْرَمُ لَفْظًا وَأَعْذَبُ مَوْرِدًا وَإِنْ كَانَ قَيْسُ بن زُهَيْرٍ إِلَى المَعْنَى مُرْشِدًا وَقَدْ حَاوَلَ أَبُو تَمَّامٍ أَخْذُ هَذَا المَعْنَى فَلَمْ يَصِفْ لَفْظُهُ بِقَوْلِهِ (٢):
إِنَّ الأُسُوْدَ أُسُوْدَ الغَابِ هِمّتُهَا ... يَوْمَ الكَرِيْهَةِ فِي المَسْلُوْبِ لَا السَّلَبِ
عَلَى أَنَّ عَمْرو بن كُلْثُوْم قَدْ قَالَ (٣):
فَآبُوا بِالنّهَابِ وَبِالسَّبَايَا ... وَأُبْنَا بِالمُلُوْكِ مُصَفَّدِيْنَا
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ ابن أُخْتِ تَأَبَّطَ شَرًّا وَقَتَلَتهُ هَذِيْلٌ (٤):
شَامِسٌ فِي القرِّ حَتَّى إِذَا مَا ... أَذْكَتِ الشعْرَى فَبَرْدٌ وَظِلُّ
طَاعِنٌ فِي الحَزْمِ حَمًّى إِذَا مَا ... حَلَّ حَلَّ الحَزْمُ حَيْثُ يَحلُّ
أَخَذَ مَعْنَى البَيْتِ الأَوَّلِ أَعْرَابِيٌّ فَخَلَّاهُ فِي أَحْسَنِ صنْعَةٍ وَأَسْهَلِ دِيْبَاجَةٍ فَقَالَ:
إِذَا نَزلَ الشِّتَاءُ فَأَنْتَ شَمْسٌ ... وَإِنْ نَزلَ المَصِيْفُ فَأَنْتَ ظِلُّ
وَأَخَذَ مَعْنَى البَيْتِ الثَّانِي أَبُو نُوَّاسٍ فَقَالَ فِي الخَصِيْبِ (٥):
فَمَا جَازَهُ جُوْدٌ وَلَا حَلَّ دُوْنَهُ ... وَلَكِنْ نَصِيْرُ الجوْدِ حَيْثُ يَصِيْرُ
(١) ديوانه ص ٢٥.
(٢) ديوانه ١/ ٦٦.
(٣) ديوانه ص ٨٣.
(٤) حماسة أبي تمام ١/ ٤٠٠.
(٥) ديوانه ص ٤٨١.
1 / 347