344

Al-Durr al-Farīd wa-Bayt al-Qaṣīd

الدر الفريد وبيت القصيد

Editor

الدكتور كامل سلمان الجبوري

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

مَا زَالَ طلُمُنِي وَأَرْحَمُهُ ... حَتَّى رَثِيْتُ لَهُ مِنَ الظُّلْمِ
وَإحْسَانُ الآخِذِ عَلَى المَأْخُوْذِ مِنْهُ، وَزِيَادَتُهُ عَلَيْهِ:
وَهُوَ أَنْ يَتَعَلَّقَ الشَّاعِرُ بِمَعْنًى قَدْ سَبَقَهُ إِلَيْهِ غَيْرُهُ، فَيَزِيْدَهُ إحْكَامًا وَإفْصَاحًا، وَكَشْفًا وَإيْضَاحًا، وَيَكْسُوْهُ أحْسَنَ لَفْظٍ، وَأَجْمَلَ عِبَارَةٍ، وَيُبْرِزُهُ فِي أبْهَى حُلَّةٍ، وَأَلْطَفُ إشَارَةٍ، وَيَخْتَارُ لَهُ الوَزْنَ الرَّشِيْقَ (١)، وَالمَعْنَى الدَّقِيْقَ؛ لِيَصِيْرَ عَلَى

(١) وَمِنْ هَذَا البَابِ قَوْلُ أَبِي تَمَّامٍ (١):
مِنْ كُلِّ زَاهِرَةٍ تَرَقْرَفَ بِالنَّدَى ... وَكَأَنَّهَا عَيْنٌ عَلَيْهِ تَحَدَّرُ
أَخَذَهُ البُحْتُرِيُّ فَزَادَ عَلَيْهِ فَصارَ أَحَقُّ بِالمَعْنَى فَقَالَ (٢):
شَقَائِقُ يَحْمِلْنَ النّدَى فَكَأَنَّهُ ... دُمُوْعُ التَّصَابِي فِي خُدُوْدِ الخَرَائِدِ
فَأَتَى بِدُمُوْعِ التَّصَابِي وَخُدُوْدِ الخَرَائِدِ وَكِلَا هَذَيْنِ زِيَادَةٌ مَلَكَ خصلَ الإحْسَان بِهُمَا. وَقَالَ جَرَّانُ العُوْدِ (٣):
أَبيْتُ كَاَنَّ العَيْنَ أَفْنَانُ سِدْرَةٍ ... عَلَيْهَا سَقِيْطٌ مِنْ نَدَى اللَّيْلِ يَنْطفُ
أَخَذَهُ الآخَرُ فَقَالَ:
لَعَيْنَاكَ يَوْمَ البَيْنِ أَسرَعُ وَاكِفًا ... مَنَ الفَنَنِ المَطْمُوْرِ وَهُوَ مُرَوَّحُ
لَمْ يَرْضَ هَذَا الآخِذُ أَنْ يَكُوْنَ دَمْعهُ مُتَسَاقِطًا تَسَاقطَ القَطْرِ مِنْ وَرَفِ الغُصْنِ المَمْطُوْرِ حَتَّى جَعَلَهُ مُرَوّحًا ذهَابًا إِلَى أَنَّ الرِّيْحَ تُحَرِّكُهُ فَهُوَ لَا يَهْدَأُ مِنَ القطْرِ السَّرِيْع التَّتَابُعِ وَهَذَا نِهَايَةٌ فِي وَصْفِ كُثْرَةِ تَحَدُّرِ الدُّمُوْعِ وَتَسَاقُطِهَا.
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ قَيْسُ بن زُهَيْرٍ (٤):
تَرَكْتُ النّهَابَ لأَهْلِ النّهَابِ ... وَأَكْرَهْتُ نَفْسِي عَلَى ابنِ الحَمِق

(١) ديوانه ٢/ ١٩٥.
(٢) ديوانه ١/ ٦٢٣.
(٣) ديوانه ص ٥٢.
(٤) ديوانه.

1 / 346