Al-Durr al-Farīd wa-Bayt al-Qaṣīd
الدر الفريد وبيت القصيد
Editor
الدكتور كامل سلمان الجبوري
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
Genres
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= لِذلِكَ، ولَعَمْري إن هذا البابَ غامِضٌ دقيقَ يحَتْاجُ إلى فَهْمٍ صحيحٍ، وَهُوَ قريبٌ مِنَ الْوَحْي وَإِنْ كَانَ لَيْسَ هُوَ، وَإِنَّمَا يُسَمّى الإرْداف.
وَمِنْ مَلِيحِ التّتبيعِ قوْلُ عَبْدِ الصمَدِ بْنِ المعذّل (١):
فَضَحِكْنَ فِي وَجْهِ الدُّجَى ... وَبَكَيْنَ فِي وَجْهِ الصّباحْ
أَرادَ أَنْ يَقُولَ: أَحْبَبْنَ الَّليْلَ وَآثَرْن طولَهُ لِيَسْتَمْتِعْنَ بالحديثِ وَكَرِهْنَ الصّبْحَ لِئَلا يَفْضَحهنَ: فَلَمْ يَقُلْ ذلكَ، وَأَتى بما هُوَ تابعٌ لَهُ يَدْلّ التاجُ عَلَي الْمَتبْوَعِ.
وَمِنْ ذلكَ قَوْلُ مُسْلِم (٢):
فَرْعَاءُ فِي فَرْعهِا لَيْلٌ عَلَى قَمَرٍ ... عَلَى قَضيبٍ عَلَى حِقْفِ النَّقَا الدَّهِسِ
كأَنّ قَلْبِي وِشَاحَاهَا إِذَا خَطَرَتْ ... وَقَلْبهَا قُلْبُها فِي الصَّمْتِ والْخَرَسِ
تَجرِي مَحَبَّتهُا فِي قَلْبِ عاشقِها ... مجَرْى السلامةِ في أعضاءِ مُنْتَكِسِ
ذَهَب إلى أَنَّ قَلْبهُ مِثْلُ وِشاهي مَحْوبهِ قَلَقًا وَحَرَكَةَ.
وفي قوله: "إِذَا خَطَرتْ" زيادةٌ لطيفةٌ، فإنّه أَشْبَع المعنى وأكدّه: لأنَّها إِذَا خَطَرتْ كَانَّ أَشَدَّ لِلْحَركةِ. وَقَوْلُه "قُلْبُها" القُلْبُ: السّوارُ. وَفِي قَوْلِهِ هَذَا دلالةَ عَلى أَنَّها عَبْلَةُ المِعْصَمِ ممتلئةُ المسوّرِ، ومِنْ شأنِهم يَصِفُون المرأةَ بضِيقِ السِّوارِ والْخَلْخَالِ، وَصْمِتهِمَا، وَشَبَعِهِمَا، لِيَنْفَوا عَنْها الْحَمْشَ، كَمَا يَصِفُونَ وِشَاحَها بالجوعِ والظمأ، والْقَلَقِ، دَلالةً عَلَى رقَّةِ خَصْرِهَا، فَذِكْرُ مُسْلِم صَمْتَ سِوَارٍ هذهِ الموصوفةِ وَخَرَسِه دَلِيلٌ عَلى امتلاءِ مِعْصَمِها؛ لأَنَّهُ تَابعٌ لَهُ.
* * *
وقال عُمَرُ بْنُ أَبي رَبيعةَ أَيْضًا (٣):
(١) الأشباه والنظائر ١/ ٥٧.
(٢) ديوان مسلم بن الوليد ص ٣٢٥.
(٣) ديوانه ص ٢٦٦.
1 / 273