غير الله تعالى أو اعتقاد التأثير لغير الله تعالى وأما مجرد النداء لمن لا يعتقدون ألوهيته وتأثيره أو استحقاقه للعبادة فإنه ليس عبادة ولو كان ميتا أو غائبا أو جمادا وقد ورد في أحاديث كثيرة نداء الأموات والجمادات فقولهم كل نداء دعاء وكل دعاء عبادة غير صحيح على إطلاقه وعمومه ولو كان الأمر كذلك لامتنع نداء الحي والميت فإنهما مستويان في أن كلا منهما لا تأثير له في شئ ولا يعتقد أحد من المسلمين ألوهية غير الله تعالى ولا تأثير أحد سوى الله تعالى فإن قالوا إن نداء الحي والطلب منه لشئ من الأشياء إنما هو لكونه قادرا على فعل ذلك الشئ الذي طلب منه وأما الميت والجماد فإنه عاجز ولا قدرة له على فعل شئ من الأشياء فنقول لهم اعتقادكم أن الحي قادر على بعض الأشياء يستلزم اعتقادكم أن العبد يخلق أفعال نفسه الاختيارية وهو اعتقاد فاسد ومذهب باطل فإن اعتقاد أهل السنة والجماعة أن الخالق للعباد وأفعالهم هو الله وحده لا شريك له والعبد ليس له إلا الكسب الظاهري قال الله تعالى والله خلقكم وما تعملون وقال تعالى الله خالق كل شئ فيستوي الحي والميت والجماد في أن كلا منهم لا خلق له ولا تأثير والمؤثر هو الله تعالى وحده فالذي يقدح في التوحيد هو اعتقاد التأثير لغير الله أو اعتقاد الألوهية واستحقاق العبادة لغير الله وأما مجرد النداء من غير اعتقاد شئ من ذلك فلا ضرر فيه والأحاديث التي ورد فيها النداء للأموات والجمادات من غير اعتقاد الألوهية والتأثير كثيرة منها حديث الأعمى الذي تقدمت روايته عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه فإن فيه يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك وتقدم أن الصحابة رضي الله عنهم استعملوا ذلك الدعاء بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وحديث بلال بن الحرث المتقدم أيضا فإن فيه إنه جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله استسق لأمتك ففيه النداء بعد وفاته صلى الله عليه وسلم والخطاب بالطلب منه أن يستسقي لأمته ومن ذلك الأحاديث الواردة في زيارة القبور فإن في كثير منها النداء والخطاب كقوله السلام عليكم يا أهل القبور السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ففيها نداء وخطاب وهي أحاديث كثيرة لا حاجة إلى الإطالة
Page 32