Culama Muslimin
علماء المسلمين والوهابيون
الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه ليس هو بقلة احتياط وإنما هو تيسير وتسهيل على الأمة تبعا لما بلغه عن الشارع صلى الله عليه وسلم فإنه كان يقول يسروا ولا تعسروا يعني في كل شئ لم تصرح به شريعتي وإلا فكل شئ صرحت به الشريعة ليس فيه تضييق ولا مشقة على أحد أبدا فرجع الأمر في مثل ذلك إلى مرتبتي الميزان تخفيف وتشديد تبعا لما ورد عن الشارع سواء وقد كان طلحة بن مصرف ووالده وسفيان الثوري وغيرهم يكرهون لفظ الاختلاف بين العلماء ويقولون لا تقولوا اختلاف العلماء وقولوا توسعة العلماء وقد قال تعالى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه انتهى فيجب على كل مقلد أن لا يعترض على قول مجتهد خفف أو شدد فإنه ما خرج عن قواعد الدين ولا عن مرتبتي الميزان السابقة الجامعة لجميع أقوال المجتهدين وأتباعهم وكذلك يجب عليه الاعتقاد الجازم بأن ذلك الإمام الذي خفف أو شدد على هدى من ربه في ذلك حتى يمن الله تعالى عليه بالوقوف على عين الشريعة المطهرة التي يتفرع منها كل قول من أقوال علماء الشريعة وقد أجمع أهل الكشف على أن الدائر مع رفع الحرج عن الأمة أولى من الدائر مع الحرج عليهم لأن رفع الحرج هو الحال الذي ينتهي أمر الخلائق إليه في الجنة فيتبؤون منها حيث شاءوا لا تحجير فيها على أحد عكس الحال في الدنيا والحمد لله رب العالمين * (فصل) * في بيان ذكر بعض من أطنب في الثناء على الإمام أبي حنيفة من بين الأئمة على الخصوص وبيان توسعته على الأمة وسعة علمه وكثرة ورعه وعبادته وعفته وغير ذلك روى الإمام أبو جعفر الشيزاماري عن شقيق البلخي إنه كان يقول كان الإمام أبو حنيفة من أورع الناس وأعلم الناس وأعبد الناس وأكرم الناس وأكثرهم احتياطا في الدين وأبعدهم عن القول بالرأي في دين الله عز وجل وكان لا يضع مسألة في العلم حتى يجمع أصحابه عليها ويعقد عليها مجلسا فإذا اتفق أصحابه كلهم على موافقتها للشريعة قال لأبي يوسف أو غيره ضعها في الباب الفلاني انتهى وقد مر ذلك في الفصول السابقة فانظر يا أخي شدة ورع هذا الإمام وخوفه من الله أن يزيد في شرعه ما لم تقبله شريعة نبيه صلى الله عليه وسلم وروى أيضا بسنده إلى إبراهيم بن عكرمة المخزومي رحمه الله تعالى إنه كان يقول ما رأيت في عصري كله عالما أورع ولا أزهد ولا أعبد ولا أعلم من الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه وروى الشيزاماري أيضا عن عبد الله بن المبارك قال دخلت الكوفة فسألت علماءها وقلت من أعلم الناس في بلادكم هذه فقالوا كلهم الإمام أبو حنيفة فقلت لهم من أورع الناس فقالوا كلهم الإمام أبو حنيفة فقلت لهم من أزهد الناس فقالوا كلهم الإمام أبو حنيفة فقلت لهم أعبد الناس وأكثرهم اشتغالا للعلم فقالوا كلهم الإمام أبو حنيفة فما سألتهم عن خلق من الأخلاق الحسنة إلا وقالوا كلهم لا نعلم أحد تخلق بذلك غير الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه وكان شقيق البلخي يمدح أبا حنيفة ويثني عليه كثيرا ويقول على رؤوس الأشهاد في الملأ العظيم من مثل الإمام أبي حنيفة في الورع كان إذا اشترى أحد منه ثوبا وخلط ثمنه على الغلة ثم رده عليه يعطي صاحب الثوب جميع الغلة التي عنده ويقول قد اختلطت دراهمك بدارهمي فخذها كلها وسامحتك يا أخي دنيا وأخرى وهذا
Page 70