Culama Muslimin
علماء المسلمين والوهابيون
ورع لم يبلغنا وقوعه من غيره رضي الله عنه وروى أبو جعفر الشيزاماري أيضا أن الإمام أبا حنيفة وكل وكيلا في بيع ثياب من خز وكان فيها ثوب معيب فقال للوكيل لا تبع هذا الثوب حتى تبين عيبه فباعه ونسي أن يبين عيبه وخلط ثمنه على ثمن بقية الثياب فلما أخبره الوكيل بذلك تصدق بثمن الثياب كلها على الفقراء والمساكين ومحاويج أهل الذمة قال وروينا عن شقيق البلخي أن الإمام أبا حنيفة رضي الله عنه كان لا يجلس في ظل جدار غريمه ويقول إن لي عنده قرضا وكل قرض جر نفعا فهو ربا وجلوسي في ظل جداره انتفاع لي بظل جداره ومن دقيق ورعه رضي الله عنه أن أبا جعفر المنصور الخليفة لما منع الإمام أن يفتي سألته ابنته في الليل عن الدم الخارج من لحم الأسنان هل ينقض الوضوء فقال لها سلي عمك حمادا عن ذلك بكرة النهار فإن إمامي منعني الفتيا ولم أكن ممن يخون إمامه بالغيب انتهى فانظر يا أخي إلى شدة مراقبته لله عز وجل وكان هذا المنع للإمام رضي الله عنه قبل اجتماعه به ومعرفته بمقام الإمام في العلم وروى أبو نعيم وغيره عن الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه أنه صلى الصبح بوضوء العشاء أكثر من خمسين سنة ولم يكن يضع جنبه إلى الأرض في الليل أبدا وإنما كان ينام لحظة بعد صلاة الظهر وهو جالس ويقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استعينوا على قيام الليل بالقيلولة يعني النوم بعد الظهر وروى الثقات عنه أنه رضي الله عنه ضرب وحبس ليلى القضاء فصبر على ذلك ولم يل وكان سبب إكراهه على القضاء أنه لما مات القاضي الذي كان في عصره فتش الخليفة في بلاده عن أحد يكون مكان القاضي الذي مات فلم يجدوا أحدا يصلح لذلك غير الإمام لكثرة علمه وورعه وعفته وخوفه من الله تعالى وقيل إنه مات في السجن وبلغ الإمام أبا حنيفة أنهم قالوا للخليفة قد فتشنا العلماء فما وجدنا أحدا أفقه ولا أورع من الإمام أبي حنيفة ويليه سفيان الثوري وصلة بن اشيم وشريك فقال الإمام أبو حنيفة أنا أخمن لكم تخمينا أما أنا فأضرب وأحبس ولا ألي وأما سفيان فيهرب وأما صلة بن أشيم فيتحامق ويتخلص وأما شريك فيقع فكان الأمر كما قال الإمام فإن سفيان لبس ثياب الفتيان وأخذ بيده عصا وخرج إلى بلاد اليمن فلم يعرفه أحد حين خرج وأما شريك فتولى وأما صله فدخل على الخليفة وقال له كم عندك من الحمير والبراذين وايش طبخت اليوم فقال الخليفة أخرجوه عني هذا مجنون قال الشيزاماري وبلغنا عن الإمام أبي حنيفة وسفيان وصلة إنهم هجروا شريكا حتى ماتوا وقالوا كان يمكنه عمل الحيلة ويتخلص من هذه الورطة فلم يفعل رضي الله عنهم أجمعين وأما توسعة الإمام رضي الله عنه على الأمة فكثيرة لمن تتبع أقواله وسيأتي غالبها في توجيه أقوال الأئمة إن شاء الله تعالى فمن ذلك قوله رضي الله عنه بصحة الطهارة من ماء الحمامات المسخنة بالسرجين وعظام الميتة فإنه في غاية التوسعة على الأمة عكس من قال بمنع الطهارة من ذلك الماء ومنع أكل الخبز المخبوز بالنجاسة وإن كان كل من المذهبين يرجع إلى مرتبتي الميزان من تخفيف وتشديد ومن ذلك قوله رضي الله عنه بطهارة الفخار الذي خلط بالنجاسة وقوله إن النار تطهر ذلك فإن ذلك في غاية التوسعة على الأمة فلولا هذا القول ما كان يجوز لنا استعمال شئ من الازيار والأباريق والشقف والزبادي والقلل
Page 71