233

Al-Baḥr al-Muḥīṭ fī uṣūl al-fiqh

البحر المحيط في أصول الفقه

Publisher

دار الكتبي

Edition

الأولى

Publication Year

1414 AH

Publisher Location

القاهرة

تَارِكُهُ شَرْعًا بِوَجْهٍ مَا. فَالْمُرَادُ بِالذَّمِّ مَا يُنَبِّئُ عَنْ اتِّضَاحِ حَالِ الْغَيْرِ، وَتَارِكُ الْوَاجِبِ، وَإِنْ عُفِيَ عَنْهُ فَالذَّمُّ مِنْ الشَّارِعِ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ وَأَقَلُّهُ أَنَّهُ يُسَمِّيهِ عَاصِيًا، وَهُوَ ذَمٌّ قَطْعًا، وَلَا يُكْرِمُهُ مِثْلَ إكْرَامِ الْآتِي بِهِ، وَإِنْ عُفِيَ عَنْهُ، إذْ يَسْلُبُهُ مَنْصِبَ الْعَدَالَةِ. وَقِيلَ: شَرْعًا لِيُوَافِقَ مَذْهَبَنَا، وَبِوَجْهٍ مَا لِيَدْخُلَ الْوَاجِبُ الْمُوَسَّعُ، وَالْمُخَيَّرُ، وَالْفَرْضُ عَلَى الْكِفَايَةِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُذَمُّ تَارِكُ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ مَعَ اتِّصَافِهَا بِالْوُجُوبِ فِيهِ لَوْ وَقَعَتْ، لَكِنْ لَوْ تَرَكَهَا فِي جَمِيعِ الْوَقْتِ أَوْ فِي أَوَّلِهِ وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَى فِعْلِهِ فِيمَا بَعْدَهُ لَاسْتَحَقَّ الذَّمَّ، وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَحِقُّ الذَّمَّ عَلَى رَأْيِ الْجَاعِلِ لِلْعَزْمِ بَدَلًا عَنْهُ وَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ، وَأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ كُلَّ الْخِصَالِ اسْتَحَقَّ الذَّمَّ، وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ عَلَى تَرْكِ بَعْضِهَا وَفِعْلِ الْبَعْضِ الْآخَرِ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ، فَإِنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ الْبَعْضُ وَقَامَ بِهِ الْبَعْضُ لَا يُذَمُّ تَارِكُهُ.
أَمَّا لَوْ تَرَكَهُ الْجَمِيعُ حَرَجُوا جَمِيعًا، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ النَّائِمُ، وَالنَّاسِي، وَصَوْمُ الْمُسَافِرِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ إذْ لَا وُجُوبَ فِي حَقِّهِمْ عَلَى قَوْلِ الْمُتَكَلِّمِينَ. وَالْقَاضِي مِنْهُمْ. أَمَّا عَلَى رَأْيِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَقَدْ أُجِيبُ بِأَنَّهُمْ لَا يُذَمُّونَ عَلَى بَعْضِ الْوُجُوهِ، فَإِنَّهُ لَوْ انْتَبَهَ أَوْ تَذَكَّرَ ذُمَّ. فَإِنْ قُلْت: الذَّامُّ إمَّا أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ الشَّرْعِ أَوْ أَهْلُ الشَّرْعِ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَبَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ مَا نَصَّ عَلَى ذَمِّ كُلِّ تَارِكٍ بِعَيْنِهِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّرْعِ فَإِنَّمَا يَذُمُّونَ مَنْ عَلِمُوا أَنَّهُ تَرَكَ وَاجِبًا، فَذَمُّهُمْ مَوْقُوفٌ عَلَى مَعْرِفَتِهِمْ بِالْوَاجِبِ، فَلَوْ عَرَفَ بِهِ لَدَارَ. وَالْجَوَابُ: مَا قَالَهُ السُّهْرَوَرْدِيّ: نَخْتَارُ أَنَّ الذَّامَّ هُوَ الشَّارِعُ بِصِيَغِ

1 / 235