232

Al-Baḥr al-Muḥīṭ fī uṣūl al-fiqh

البحر المحيط في أصول الفقه

Publisher

دار الكتبي

Edition

الأولى

Publication Year

1414 AH

Publisher Location

القاهرة

وَأَجَابَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ بِحَمْلِ الْعِقَابِ عَلَى تَرْكِ جِنْسِ ذَلِكَ الْفِعْلِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَبْطُلُ بِاحْتِمَالِ الْعَفْوِ إلَّا إذَا وَقَعَ الْعَفْوُ عَنْ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ التَّارِكِ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلِّ الْأَفْرَادِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ لَا يَصِحُّ لِدَلَالَةِ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ عَلَى عِقَابِ بَعْضِ الْعُصَاةِ.
وَأَجَابَ الْعَبْدَرِيُّ فِي شَرْحِ الْمُسْتَصْفَى " بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ تَوَعُّدٌ بِالْعِقَابِ مُطْلَقٌ بَلْ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتُوبَ الْمُكَلَّفُ وَلَا يُعْفَى عَنْهُ. وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي ﵀: لَوْ أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْنَا شَيْئًا لَوَجَبَ وَإِنْ لَمْ يَتَوَعَّدْ بِالْعِقَابِ عَلَى تَرْكِهِ، فَالْوُجُوبُ إنَّمَا هُوَ بِإِيجَابِهِ لَا بِالتَّوَعُّدِ لَكِنَّ هَذَا مَرْدُودٌ، إذْ لَا يُعْقَلُ وُجُوبٌ بِدُونِ تَوَعُّدٍ، وَحَكَى الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُمْ عَرَّفُوهُ بِمَا يَسْتَحِقُّ اللَّوْمَ عَلَى تَرْكِهِ، وَحَكَى الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مِنْ تَعْلِيقِهِ " عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُمْ حَدُّوا الْوَاجِبَ بِمَا يُخْشَى الْعِقَابُ عَلَى تَرْكِهِ. قَالَ: وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْقَصْرُ فِي السَّفَرِ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَهُ إلَى بَدَلٍ. انْتَهَى.
وَزَيَّفَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ بِمَا يُظَنُّ وُجُوبُهُ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، فَإِنَّهُ يَخَافُ الْعِقَابَ عَلَى تَرْكِهِ مَعَ انْتِفَاءِ الْوُجُوبِ. وَقِيلَ: هُوَ الْمَطْلُوبُ جَزْمًا، ثُمَّ الْعِقَابُ، أَوْ اللَّوْمُ، أَوْ الذَّمُّ يَكُونُ مِنْ إشَارَةِ تَعْرِيفٍ بِدَلِيلٍ آخَرَ، وَلَا يَجُوزُ تَحْدِيدُ الشَّيْءِ بِآثَارِهِ، وَأَمَّا الْمُتَأَخِّرُونَ فَالْمُخْتَارُ عِنْدَهُمْ مَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: أَنَّهُ الَّذِي يُذَمُّ

1 / 234