التفسير بالبيان المتصل في القرآن الكريم
التفسير بالبيان المتصل في القرآن الكريم
Genres
لصفة الفوقية.
والثاني: تأويلٌ لظاهر النّص من فوقية العلوّ إلى فوقية القدرة والعظمة، والقولان خلاف مذهب أهل السُّنّة والجماعة.
الشاهد: خطأ المؤولة في صرف معنى الفوقية في قوله: ﴿مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ إلى فوقية القهر والقدرة دون العلوّ في الذات.
والصحيح أن قوله: ﴿رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ﴾، فيه تقريرٌ لصفة العلوّ لله ﷿ على خلقه، وتشمل علوّ الذات والقدر، وذلك وفقًا لما جاء في الكتاب والسُّنّة الصحيحة، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (١٦) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧)﴾ (١).
وقوله ﷺ للجارية: (أَيْنَ اللهُ؟)، قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ. قَالَ: (مَنْ أَنَا؟)، قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللهِ. قَالَ: (أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ) (٢)، وغير ذلك من الأدلة التي تثبت صفة العلوّ والفوقية لله ﷿ (٣).
قال السعدي ﵀ عند قوله تعالى: ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾:
" لما مدحهم بكثرة الطاعة والخضوع لله، مدحهم بالخوف من الله الذي هو فوقهم
(١) سورة الملك: ١٦ - ١٧. (٢) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة، ونسخ ما كان من إباحته (١/ ٣٨١)، رقم الحديث:] ٥٣٧ [، من حديث معاوية بن الحكم السلمي. (٣) للاستزادة يُنظر: إثبات صفة العلو، لابن قدامة (ص: ١٨٦)، والفتاوى الكبرى لابن تيمية (٤/ ٤٥٠)، واجتماع الجيوش الإسلامية، لابن القيم (٢/ ١٥٦).
1 / 105