مِثْلَهُ؛ وَمَتَى أَخْلَفَ الْفَرْعُ وَتَخَلَّفَ؛ فِإِنَّهُ يُخْبِرُ بِأَحَدِ شَيئَيْنِ: إِمَّا بِتَكْذِيْبِ مَنْ يَدَّعِي الْشَّرَفَ لِعُنْصُرِهِ، وَإمَّا بِتَكْذِيبِهِ فِيْ انْتِسَابِهِ إِلَى ذَلِكَ الْعُنْصُرِ، وَمَا فِيْهِمَا حَظٌّ لِمُختَارٍ.
وَالْمَحْمُودُ أَنْ يَكُوْنَ الْأَصْلُ فِيْ الْفَضَائِلِ رَاسِخًَا، وَالْفَرْعُ بهِ شَامِخًَا، كَمَا قَالَ الْشَّاعِرُ:
زَانُوا قَدِيمَهُمُ بِحُسْنِ حَدِيثِهِمُ ... وَكَريْمَ أَخْلَاقٍ بِحُسْنِ خِصَالِ
وَمَنْ لَمْ يَجْتَمِعْ لَهُ الأَمْرَانُ؛ فَلَأَنْ يَكُوْنَ الْمَرْءُ شَرِيْفَ الْنَّفْسِ دَنِئَ الْأَصْلِ، أَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُوْنَ دَنِئَ الْنَّفْسِ شَرِيْفَ الْأَصْلِ، كَمَا قِيْلَ:
إِذَا الْغُصْنُ لَمْ يُثمِرْ وَإنْ كَانَ شُعْبَةً ... مِنَ المُثمَرَاتِ اعْتَدَّهُ النَّاسُ فِيْ الحَطَبِ
فَمَا الْحَسَبُ المَوْرُوثُ لَا دَرَّ دَرُّهُ ... بمُحَتَسَبٍ إِلَّا بِآخَرَ مُكَتَسَبِ
وَمَنْ كانَ عُنْصُرُهُ فِيْ الْحَقِيقَةِ سَنِيًَّا وَفِي نَفْسِهِ دَنِيًَّا؛ فَذَلكَ أُتِيَ إمَّا مِنْ إهْمَالِهِ نَفْسَهُ وَسَوْمَهَا، وَإمَّا لِتَعَوُّدِهِ عَادَاتٍ قَبِيْحَةً، وَصُحْبَةِ أَشْرَارٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعَوَارِضِ الْمُفْسِدَةِ لِلْعَناصِرِ الْكَريْمَةِ فَلَيْسَ سَبَبُ الْرَّذِيْلَةِ
1 / 64