يُوْرِثُهُ الْفَضِيْلَةَ وَالْرَّذِيْلَةَ، فَإِنَّهُ لَا يَكُوْنُ مِنَ الْنَّخْلِ الْحَنْظَلُ، وَلَا مِنَ الْحَنْظَلِ الْنَّخْلُ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْشَّاعِرُ:
وَمَا يَكُ مِنْ خَيْرٍ أَتَوْهُ فَإنَّمَا ... تَوَارَثَهُ آبَاءُ آبَائِهِمْ قَبْلُ
وَهَلْ يُنْبِتُ الْخَطِّيَّ إلَّا وَشِيْجُهُ ... وَتُغْرَسُ إلَّا فِيْ مَنَابِتِهَا النَّخْلُ (^١)
وَقِيْلَ:
إِنَّ الْسَّرِيَّ إِذَا سَرَى فَبِنَفْسِهِ ... وَابْنَ الْسَّرِيِّ إِذَا سَرَى أَسْرَاهُمَا
وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ: أَنَّ الْأَخْلَاقَ نَتَائِجُ الْأَمْزِجَةِ، وَمِزَاجُ الْأَبِ كَثِيْرًَا مَا يَتَأَدَّى إِلَى الْابْنِ، كَالْأَلْوَانِ وَالْخَلْقِ وَالْصُّوَرِ ....
ثُمَّ ذَكَرَ الْأَصْبَهَانِيُّ أَنَّ عَلَى الِإنْسَانِ أَنْ يَسْعَى لِاقْتِبَاسِ الْعُلَى، وَأَنْ لَا يَقْتَصِرَ عَلَى مَآثِرِ الْآبَاءِ، وَأَنَّ الْمَآثِرَ الْمَورُوْثَةِ قَلِيْلَةُ الْغَنَاءِ، سَرِيْعَةُ الْفَنَاءِ، مَا لَمْ تُضَامَّهَا فَضِيْلَةُ الْنَّفْسِ (^٢)، لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يُحْمَدُ لِكَي يُوْجَدَ الْفَرْعُ
(^١) البيتان لزهير بن أبي سُلمى، انظر «ديوانه» (ص ٨٣). (^٢) قال الماوَرْدي (ت ٤٥٠ هـ) ﵀ في «أدب الدنيا والدين» (ص ٥٠٥) ضمن كَلامٍ جَميلٍ عن شَرَفِ النَّفْس: (.... فأما شَرَفُ النَّفسِ إذا تجرَّد عن عُلُوِّ الهِمَّة، فإنَّ الفضلَ به عاطِل، والقَدْرَ به خاملٌ، وهو كالقوة في الجَلْد الكَسِل، أو الجبَان الفَشِل، تضيعُ قُوَّتُه بكسَلِه، وجَلَدُه بفَشَلِه ...).
1 / 63