عليه وسلم [ أنه ] قال ( 1 ) : ' إن أهل الجنة يتراءون من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري ' . وصح عنه عليه السلام أنه أمرنا أن نسأل الله الفردوس الأعلى ، فإنه وسط الجنة وأعلاها ، وفوق ذلك عرش الرحمن ( 2 ) . وجاء نص القرآن بان المنافقين في الدرك الأسفل من النار ( 3 ) . وقال تعالى : { ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب } ( غافر : 46 ) ، والأشد والأسفل لا يقعان إلا بالإضافة إلى ما هو أخف وأعلى . وجاء الحديث الصحيح ( 4 ) أن أبا طالب يخفف عنه العذاب بنعلين في رجليه يغلي منهما دماغه ، وأنه أخرج عمه من النار إلى ضحضاح منها ، وانه أخف أهل النار عذابا ، هذا الذي ذكرت معاني الحديث التي ذكرت لكم . فهذا أصلحكم الله بيان ما سألتم عنه حسب ما علمني الله عز وجل ، لم أقل شيئا من ذلك من عند نفسي ، ويعيذني الله ما أقول في شيء من الدين برأي أو بقياس ، لكن حكيت لكم ما قاله الله تعالى وعهده إليكم نبيكم عليه السلام . ولعمري إني لأفقر منكم إلى قبول ما أوصيتكم به ، وأحوج إلى استعماله . فإني والله أعلم من عيوب [ نفسي أكثر مما أعلم من عيوب ] كثير من الناس ونقصهم . وقد توصل الشيطان إلى جماعة من الناس بأن أسكتهم عن تعليم الخير ، بان وسوس إليهم ، أو لمن يقول لهم : إذا أصلحتم أنفسكم ، فحينئذ اسعوا في صلاح غيركم ؛ وربما اعترض عليهم بقول الله عز وجل : { عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم } ( المائدة : 105 ) وبقوله تعالى : { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم } ( البقرة : 44 ) الآية ؛ والحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ( 5 ) : أن رجلا يقذف به في النار فتندلق أقتابه [ 251 ب ] فيقول له أهل النار : يا فلان ألست الذي كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر فيقول : نعم ، كنت آمركم بالمعروف ولا أفعله ، وأنهاكم عن المنكر وآتيه ، أو كما قال عليه السلام ، فأسكتهم عن تعليم الخير . فاعلموا رحمكم الله أن الآية الأولى لا حجة فيها للمعترض بها فيها ، لأنه ليس فيها نهي لنا عن أن
পৃষ্ঠা ১৭৮