الأمر في كل مرة ما يأتي من البلاد التي غلب عليها البرير من الزيت والملح ، أن كل ذلك غصب من أهله ، وكذلك الكتان أكثره من سهم صنهاجة الآخذين النصف والثلث ممن أنزلوا عليه من أهل القرى ، وكذلك التبن مزرقة ، وأما القمح فهو أشبه بيسير ، لأن الأرض وإن كانت مغصوبة فالزرع لزراعة حلال وعليه إثم الأرض ، إلا أن تكون الزريعة مغصوبة ، فحصلنا في شعل نار [ أشد ] من ذي قبل ؛ ولكن التخلص لنا ولكم أن لا يأخذ الإنسان فيما يحتاج إليه ما أيقن أنه مغصوب بعينه ، ولعلنا فيما جهلنا من ذلك أعذر قليلا فإن النار المدفونة في الرماد أفتر حرا من النار المؤججة المشتعلة ، فواغوثاه .
8 - وأما ما سألتم عنه من تفاضل الكبائر ، فنعم ، فالحسنات تتفاضل والكبائر تتفاضل ؛ سئل صلى الله عليه وسلم عن اكبر الكبائر ، فذكر عليه السلام أشياء ، منها عقوق الوالدين ، وشهادة الزور . واستعظم عليه السلام أشياء منها زنا الزاني بامرأة جاره ، ومنها زنا الشيخ ومنها زنا الزاني بامرأة المجاهد ، فهذه الوجوه أعظم عند الله بنص نبيه عليه السلام [ من ] سائر ( 1 ) وجوه الزنا وكل عظيم ؛ وذكر كذب الكاذب أيضا بعد العصر ، فدل على انه اعظم منه إثما في سائر الأوقات ، وذكر عليه السلام كذب السلطان وزهو الفقير ، فعلمنا بذلك ان الكذب من الملك أعظم ذنبا من كذب غيره ، وأن زهو الفقير أكبر إثما من زهو الغني . وكذلك الإلحاد بالبيت والظلم بمكة اعظم منه في سائر البلاد ، والقتل بلا شك أعظم إثما من اللطمة والضربة ، والكذب على النبي أشنع من الكذب على غيره . قال النبي عليه السلام ( 2 ) : ' إن الكذب [ علي ] أعظم من الكذب على غيري فمن كذب علي فليلج النار ' [ 251 / أ ] ، وإن شعبة بن الحجاج رحمه الله يقول : لأن أزني أحب إلي من أن أدلس ، وأنا أقول : لأن يضرب عنقي أو أصلب أو يرمى بي وأهلي وولدي إلي من أن أقطع الطريق أو أقتل النفس التي حرم الله بغير الحق ، وأنا أعلم أن ذلك حرام ، [ وهذا ] أحب إلي من أن أستحل الاحتجاج بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لا أعتقده صحيحا ، أو أن أرد حديثا صحيحا عنه عليه السلام ، ولم يصح نسخه بنص آخر ، ولا صح عندي تخصيصه بنص آخر ، فالكبائر تتفاضل كما أخبرتكم تفاضلا بعيدا ، وكذلك العذاب عليها بتفاضل كما تتفاضل الحسنات ويتفاضل الجزاء عليها ؛ صح عن النبي صلى الله
পৃষ্ঠা ১৭৭