البربر والمتغلبين على ما بأيديهم إلا القليل التافه ، ومشى في بلاد المتغلبين يقينا العرى الحالسة ( 1 ) ظلم بظلم . وهذا باب الورع وقد أعلمتكم انه ضيق . وأما الباب الثاني فهو باب قبول المتشابه ، وهو في غير زماننا هذا باب جدي لأنه لا يؤثم صاحبه ، ولا يؤجر ، وليس على الناس أن يتجنوا على أصول ما يحتاجون إليه في أقواتهم ومكاسبهم إذا كان الأغلب هو الحلال وكان الحرام مغمورا . وأما في زماننا هذا وبلادنا هذه ، فإنما هو باب أغلق [ ] فرقت بين زماننا هذا والزمان الذي قبله ، لأن الغايات [ . . ] ( 2 ) فإنما هي جزية على رءوس المسلمين يسمونها بالقطيع ، ويؤدونها مشاهرة وضريبة على أموالهم من الغنم والبقر والدواب والنحل ، يرسم على كل رأس ، وعلى كل خلية شيء ما ، وقبالات ما ، تؤدى على كل ما يباع في الأسواق ، وعلى إباحة بيع الخمر من المسلمين في بعض البلاد . هذا كل ما يقبضه المتغلبون اليوم ، وهذا هو هتك الأستار ونقض شرائع الإسلام وحل عراه عروة عروة ، وإحداث دين جديد ، والتخلي ( 3 ) من الله عز وجل . والله لو علموا أن في عبادة الصلبان تمشية أمورهم لبادروا إليها ، فنحن نراهم يستمدون النصارى فيمكنونهم من حرم المسلمين وأبنائهم ورجالهم يحملونهم أسارى إلى بلادهم ، وربما يحمونهم عن حريم الأرض وحسرهم معهم آمنين ( 4 ) ، وربما أعطوهم المدن والقلاع طوعا فأخلوها من الإسلام وعمروها بالنواقيس ، لعن الله جميعهم وسلط عليهم سيفا من سيوفه . فإن قلتم : نحن نجتنب اللحم ، فانتم تعلمون علما يقينا أن المواشي المغنومة ليست تباع للذبح فقط ، بل تباع للنسل والرسل كثيرا وللحرث بها ، فتباع ويؤخذ فيها الثمن ، وهو نار لأنه بدل من المثمون ومال أخذ بالباطل ، ثم ينصرف في أنواع التجارات والصناعات في الملابسات [ 250 ب ] ، فيمتزج الأمر . فهذا ملا أحيلكم فيه على غائب ، لكن ما ترونه بعيونكم وتشاهدونه أكثر من مشاهدتي له . وأنتم ترون الجند في بلادكم لا يأخذون أرزاقهم إلا من الجزية التي يأخذها المتغلبون من المسلمين فيما يباع في أسواقهم على الصابون والملح وعلى الدقيق والزيت وعلى الجبن وعلى سائر السلع ، ثم بتلك الدراهم الملعونة يعاملون التجار والصناع ، فحسبكم وقد علمتم ضيق
পৃষ্ঠা ১৭৬