فقال القوم : لما أقر المنافقون بألسنتهم إقرارا لم تعقد عليه قلوبهم ، | لم يكن نافعا لهم ، فقالوا : فإنما يكمل الإيمان بتصديق القلب ، يكون مع | هذا يراعى الأعمال بأوقاتها ، فيقيم الصلاة في وقت وجوبها ، ويؤتي | الزكاة في وقت حلولها ، ويؤدي كل شريعة في وقت حلولها ، فاستقام | | إقراره بلسانه ، وتم تصديقه بقلبه ، واعتقد الإيمان بالأعمال ، ثم راعى | أوقاتها ، فقام بأدائها ، فقد كمل له الإيمان ، وإن نقص من هذا شيء نقص | إيمانه بقدر ما نقص من ذلك .
فإن زاد مع الشرائع المفروضة ، والفرائض المحدودة فضائل من نوافل | الخير ، زاد إيمانه ، فوصفوا الإيمان بشيء يكمل بأدائها ، وينقص بنقصانها ، | ويزيد بما يأتي من نوافل الخير وأعماله .
وهذا القول المصطفى عندنا ، والمجتبى لدينا ، والذي نعتقده ، ونقول | به ، قال الله عز وجل تصديقا لهذا القول : ^ ( وإني لغفار لمن تاب وآمن | وعمل صالحا ثم اهتدى ) ^
وقالت طائفة قلت معرفتها ، وضعفت دلالتها ، ووهنت حجتها : إن | الإيمان قول بلا عمل ، لا يزيد ولا ينقص ، وأن من آمن وأصلح ، وعدل | وأحسن ، وعامل وأنصف ، وقال فصدق ، ووعد فوفي ، وظلم فعفى ، | وفعل نوافل الخير ، وأعمال البر ، وأدى ما يجب عليه من حق والدية ، | وحق ولده ، وحق ذي رحمه ، وحق جاره ، وحق صديقه ، وقام بالخير كله | فيما قدر عليه ، وإن من قال : لا إله إلا الله قولا باللسان ، ثم تخلف عن | إقامة الفرائض ، وقصر في القيام بالشرائع ، وتخلف عن الإتيان بأعمال | الخير والنوافل ، وائتمن فخان ، وقال فكذب ، ووعد فأخلف ، وأنصف | فظلم ، وجار وقسط ، إن هذين جميعا في درجة واحدة ، ولا فضل لهذا | على هذا ، ولا لهذا على هذا .
পৃষ্ঠা ৩৪