فصل [في القضاء والقدر]
ولا يجوز أن يقال: إن المعاصي بقضاء الله وقدره؛ لأن إطلاق هذا يوهم فساد المعنى، وهو: أن الله تعالى خلقها فيهم، وقد قدمنا أن أفعال العباد منهم، ودللنا على ذلك، وقد ذهب قوم عرفوا بالقدرية والجبرية إلى أن المعاصي بقضاء الله وقدره.
وناظرهم الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين عليه السلام حين دخل صنعاء، فاجتمع علماؤهم وقالوا: ممن المعاصي؟ فقال عليه السلام: ومن العاصي؟ فسقط في أيديهم ونكسوا وتلاوموا، فقال المتكلم عنهم: أسكتني وغلبني بأوجز من كلامي، إن قلت: العاصي هو العبد خرجت من مذهبي، وإن قلت: الله، كفرت؛ لأن الله تعالى لا يجوز أن يقال: إنه عاص على مذهبهم ومذهب غيرهم، فرجع جماعة منهم إلى مذهب أهل العدل.
وأخبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بهم فقال: ((صنفان من أمتي لا تنالهم شفاعتي لعنهم الله على لسان سبعين نبيئا: القدرية، والمرجئة )). قيل: يا رسول الله ومن القدرية؟ قال: (( الذي يعملون المعاصي ويقولون هي من الله )). وفي رواية: وقيل: يا رسول الله، ومن المرجئة؟ قال: (( الذين يقولون الإيمان قول بلا عمل )). فهذا نص صريح وشهادة من صادق أن الجبرية هم القدرية، يؤكد ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((القدرية مجوس هذه الأمة )) ، وهم خصماء الرحمن، وشهود الزور، وجنود إبليس لعنه الله.
পৃষ্ঠা ১৯