وأما الكسب الذي تعلقوا به، وجعلوه من العبد فغير متعقل، ولا طائل تحته، وإنما قصدهم به ستر عورة مذهبهم وشناعته، ودفعوا به ما ألزمهم به علماء العدل من الحجج التي لا تدفع، وليطفئوا نور الحق بالأقوال، ?يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون?[الصف: 8]، ولأنه يقال لهم: الكسب إما أن يكون من فعلهم، أو من فعل الله تعالى؟ فإن قالوا: من فعلهم. فقد أثبتوا للعبد فعلا، وإن قالوا: من فعل الله. احتاجوا إلى كسب آخر للعبد وتسلسل، فبطلان قولهم معلوم، وقد سبق بعض الأدلة القرآنية في نسبة الأفعال إليهم، ومنها: ?والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون?[آل عمران: 135]، ?وتخلقون إفكا?[العنكبوت: 17]، ?ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا?[النساء: 112]، ?ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون?[المؤمنون: 63].
والأحاديث كثيرة مصرحة بذلك، منها: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تتكلم )) فقد تظاهرت الأدلة من العقل والسمع، على أن أفعال العباد منهم، مع أن الإستدلال على المشاهد المحسوس إنما أحوج إليه مكابرتهم للعقول،
وليس يصح في الأذهان شيء .... إذا احتاج النهار إلى دليل
পৃষ্ঠা ১৮