وفي ذلك وتبيينه ، وفي افترائهم فيه بعينه ، ما يقول الله سبحانه : ( وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون (100) بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم (101) ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل (102) لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير (103)) [الأنعام : 100 103]. ومعنى خرقوا ، فهو : افتروا واخترقوا ، باطلا وبهتانا ، وعماية وجهلا وطغيانا.
وتأويل «سبحن» ومعناها ، فليعرف ذلك من قراها : إنما هو بعد الله وتعاليه ، عما قالوا به (1) من اتخاذ الولد فيه ، وقول القائل سبحان ، إنما معناه : بعدان ، كما يقال بينك وبين ما تريد ، سبح يا هذا بعيد ، فالسبح هو البعيد (2) الممتنع ، والأمر المتعالي المرتفع.
فما الذي هو أمنع وأبعد ، من أن يكون الله والدا أو يولد ، وهذا فهو قول متناقض ، محال داحض ، لا يقوم أبدا في فكرة ولا وهم ، ولا يصح به كلام من متكلم.
ولذلك من محاله ، وتناقضه وإبطاله ، ما يقول الله سبحانه تعاليا عن قولهم وبعدا : ( وقالوا اتخذ الله ولدا ) [البقرة : 116] ، والمتخذ عند كل أحد فهو المستحدث المصطنع ، وما اتخذ فاصطنع (3) فهو يقينا المحدث المبتدع ، والوالد كما قد بينا في صدر هذا الكتاب كالمولود ، في مالهما بالذات والطبيعة من (4) الخاصية والحدود ، فجعلوا الإله البديع كالمبدوع ، والرب الصانع للأشياء كالمصنوع ، وكلهم يزعم أن الله صانع غير مصنوع ، ومبتدع لجميع البدائع غير مبدوع ، وإذا صح أن السماوات والأرض وما فيهن لله ، وأن قيام ذلك ووجوده وصنعه بالله ، وما قضى من أمر فإنما قضاؤه له ، بأن
পৃষ্ঠা ৩৯৮