يبتدع صنعه وفعله ، لا بنصب ولا علاج ، (1) ولا أداة ولا معاناة ولا احتياج ، (2) ولكنه يتم كونه وصنعه ، إذا هو أراده وشاءه.
وإذا قيل أمر الله في خلقه وقضى ، فإنما هو من الله بمعنى أراد الله وشاء ، وما ذكر من قنوت الأشياء لله ، فإنما هو قيامها ووجودها بالله ، وتأويل قوله : ( له ما في السماوات والأرض كل له قانتون ) (116)، إنما هو كل به ومن أجله كائنون.
وسواء في هذا الباب ، وفيما ذكر منه (3) في الكتاب ، قلت : له ، وبه (4) ومن أجله ، وكما يقال : فعلت ذلك بك ولك ، وكذلك يقال : فعلت ذلك بك ومن أجلك.
ولما أن صح بأحق الحقائق ، وأوجد ما يكون من الوثائق ، أن السماوات والأرض ومن (5) فيهن لا تكون أبدا إلا من واحد ، صح أن ذلك لا يكون أبدا من مولود ولا والد ، فكان القول مع صحة هذا ونحوه وأمثاله ، بما قالوا به في الولد من أخبث القول وأحول محاله!! وأي تناقض في مقال يقال أقبح؟! أو محال بتناقض (6) فاحش أوضح؟! من قولهم اتخذ الله ولدا فجعلوه (7) متخذا مولودا! وهم يقولون مع قولهم ذلك أن الولد لم يزل قديما موجودا ، لم يفقد قط ولم يزل ، ولم يتغير حاله ولم يتبدل ، فمن أين يكون مع (8) هذا القول منهما ولد ووالد؟! وأمرهما جميعا في القدم والأزلية واحد! وكيف يكون متخذا حدثا من لم يزل موجودا قديما ، وإنما يكون المتخذ المستحدث من كان قبل أن يتخذ مفقودا عديما. فقالوا جميعا كلهم : هو الله (9) وولده ، ثم زعموا مع
পৃষ্ঠা ৩৯৯