62- وسألت عن قول الله عز وجل: { فول وجهك شرط المسجد الحرام
وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره } . فقلت: ما معنى هذا الكلام فإني لا أدري ما معنى الصلاة إلى شرطه دون كله، وأي الشرطين أقصد إذا صليت؟
قال أحمد بن يحيى صلوات الله عليهما: ليس الأمر على ما توهمت ولا على ما ظننت، وإنما لمعنى في الشرط الكل وذلك جائز في لغة العرب، تعني العرب بالشطر النحو فنحو لاشيء عندها شطره.
ألا تسمع قول زهير بن أبي سلمى حيث يقول:
وعارض عمه بوارقه ... شطراه ربح وشطره برد
يريد نحوه ريح ونحوه برد، ولم يكن على ما ذكرنا لك، لوجب أنه أثبت له ثلاثة شطور، وهذا مالا يجوز ولا يعقل في عجمية لوا عربية أن يكون للشيء ثلاثة شطور.
وقال خفاف بن بديه في مثل ذلك:
إلا من مبلغ عمروا رسولا ... وما تغني الرسالة شطر عمر
يريد نحو عمر.
وقال القيط الأيادي:
وقد أظلكم من شطر ثغركم ... هول له ظلم تغشاكم قطعا
يريد من نحو ثغركم وهذا معروف في لغة العرب غير متنكر ولا مجهول، وإنما عنى بذلك البيت الحرام فأي جوانبه استقبلت فهو قبلة، وليس من جوانبه جانب إلا وبصرك يحيط بجميعه وله الحمد، وإن كان بعضه بين عينيك ليس منه شيء داخلا ولا ذاهبا من موضعه، ولو ستر بعضه بعضا فكله قبله ونور وهداية لمن اهتدى به، نسأل الله الهداية بمنه وفضله.
পৃষ্ঠা ৩৮