«يا أمير المؤمنين!»، إن العامة لا تحتمل ذلك سيما أهل خراسان، فلا تأمن أن تكون لهم نفرة، فلا تدري ما عاقبتها، الرأى أن تدع الناس على ما هم عليه فى أمر معاوية، ولا تظهر أنك تميل الى فرقة من الفرق، فركن المأمون الى قوله، فلما دخلت عليه قال: «يا ثمامة قد علمت ما كنا فيه ودبرناه في أمر معاوية، وقد عارضنا تدبير هو أصلح فى تدبير المملكة، وأبقى ذكرا فى العامة»، ثم أخبرني أن يحي بن أكثم خوفه العامة فقلت: يا أمير المؤمنين! والعامة في هذا الموضع الذي وضعها به يحي بن أكثم، والله لو وجهت انسانا على عاتقه سواد ومعه عصا، لساق أليك بعصاه عشرة آلاف منها، والله يا أمير المؤمنين! ما رضي الله أن سواها بالأنعام، حتى جعلها أضل منها. فقال: «إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا» «1» والله يا أمير المؤمنين لقد مررت منذ أيام فى شارع، وأنا أريد الدار، فاذا انسان قد بسط كساه، وألقى عليه أدوية وهو قائم ينادي: «هذا دواء لبياض العين والغشاوة والظلمة، وإن احدى عينيه لمطموسة، والأخرى موشوكة، والناس قد اجتمعوا، فدخلت فى غمار تلك العامة» ثم قلت: «يا هذا إن عينيك أحوج من هذه الأعين الى العلاج وأنت تصف هذا الدواء، وتخبر أنه شفاء فوجع العين فلم لا تستعمله؟» فقال:
«أنا في هذا الموضع منذ عشرين سنة، فما مر بي شيخ أجهل منك».
قلت: وكيف ذلك؟ قال: «يا جاهل! أتدري أين اشتكت عيني» قلت:
পৃষ্ঠা ৫৭