ثم اختلف القائلون بالاختيار في اشتراط الإجماع، فذهب الأكثر إليه (1) ، خلافا للجويني (2) ، فإنه[جوز] (3) في إرشاده انعقاد الإمامة بواحد وإن لم يجتمع عليه أهل الحل والعقد، واستدل بأن أبا بكر انتدب لإمضاء الأحكام الإسلامية ولم يتأن إلى انتشار الاختيار إلى من نأى من الصحابة في الأقطار.
فإذا لم يشترط الإجماع في عقد الإمامة، ولم يثبت عدد معدود وحد محدود جاز أن الإمامة تنعقد بعقد واحد من أهل الحل والعقد، مثل ما قال أصحابنا.
ونقل عن أصحابه: منع عقد الإمامة لشخصين في طرفي العالم، فإن اتفق عقد عاقدين بالإمامة لشخصين كان بمنزلة تزويج امرأة من اثنين (4) .
ثم قال: والذي عندي أن عقد الإمامة لشخصين في صقع واحد متضايق الخطط والمحال غير جائز إجماعا، وإن بعد المدد فللاحتمال في ذلك مجال، وهو خارج عن القطع.
وإذا انعقدت الإمامة لشخص لم يجز خلعه من غير حدث إجماعا، وإن فسق فخرج عن سمة الأئمة بفسقه فانخلاعه من غير خلع ممكن وإن لم يحكم بانخلاعه، فجواز خلعه أو امتناع ذلك وتقويم أوده ممكن ما وجدنا إلى التقويم سبيلا.
الجويني: هو عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد، أبو المعالي، الملقب ب: (ضياء الدين) والمعروف ب: (إمام الحرمين) ، من أصحاب الشافعي. ولد في جوين-من نواحي نيسابور- سنة 419 ه، ورحل إلى بغداد ثم الحجاز ثم عاد إلى نيسابور، فبنى له الوزير نظام الملك المدرسة النظامية. حضر درسه أكابر العلماء. توفي سنة 478 ه. وفيات الأعيان 3: 167-170.
الأعلام 4: 160.
পৃষ্ঠা ৭৫