الجزء الاول
مقدمة التحقيق
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
وبعد:
تمثل الإمامة في حياة المسلمين واحدة من أهم مفردات العقيدة الإسلامية التي ما سل في الإسلام سيف كما سل فيها كما قيل.
ولم يكن للسيف فيها موضع لو أن المسلمين استمعوا لنداء العقل والفطرة السليمة واتبعوا منهج البحث العلمي والاستدلال المنطقي على ما اختلفوا عليه.
لكنها الأهواء عند ما تحل بديلا عن منطق العقل تجر الأمة إلى ويلات ومحن قد يكون أكثر المحترقين بنارها لا يعلمون حقيقة الأمر فيها لوقوعهم تحت تأثير أساليب الدعاية والتضليل والتغرير.
ولم تكن مسألة الإمامة من الغموض والإبهام بما يوصل المسلمين لهذه الحالة من التنازع والاختلاف، بل كانت واضحة جلية أيام الرسالة الأولى، لكن الغموض بدأ يكتنفها بتعاقب الزمن بسبب مزاحمتها لأهواء دفينة في نفوس دخلت الإسلام مرغمة، فأضمرت لأهله الشر ولنفسها الزعامة حين تسنح لها فرص غفلة الأمة عن كتابها وأقوال رسولها صلى الله عليه وآله.
وما أن انقضت أيام النبوة حتى ظهر كامن القوم وعلت أصوات أخر أخرستها كلمة الحق سنين طويلة، وعاش أكثر المسلمين التيه الفكري مع أن كثيرا منهم عايش الرسول صلى الله عليه وآله وسمع حديثه ووصاياه، وصار الحديث عن خلافة خاتم الرسل حديثا عن الزعامة بما تحمل من رواسب العقلية الجاهلية والقبلية، وغدا مصير خير أمة أخرجت للناس تقرره عقول قوم لم يتمثل الإسلام في حياتهم سلوكا ومفهوما ومشاعر بالقدر الذي يؤهلهم لخلافة خاتم الرسل صلى الله عليه وآله.
فالعجب كل العجب من أمة آمنت برسولها وكتابها وترجع إليهما في معرفة
পৃষ্ঠা ৭
أحكامها من صوم وصلاة وحج ونكاح... وغير ذلك، ولا ترجع إليهما في أمر يصل فيه الاختلاف إلى حد التنازع والاقتتال وانتهاك الحرمات!! وكأن القوم قد فتشوا جميع أقوال نبيهم وتمعنوا في آيات كتابهم فلم يجدوا ما يتعلق بأمر الإمامة من شيء فحصروا دائرة النقاش فيها بحدود عقولهم ومصالحهم.
وحتى أولئك الذين لم يستطيعوا أن ينكروا ما أثر من نص في ذلك جرتهم الأهواء لئن يلووا أعناق الكلمات أو يحرفوها عن مواضعها، وقليل هم الذين عرفوا الإمامة وعظم خطرها وما تمثله من امتداد لمسيرة النبوة وما تضطلع به من مهمة حفظ الشريعة المقدسة والقيام بتطبيقها، فلم يروا لها أهلا إلا من ارتضاه الله ورسوله وكانت سيرته شاهدة على صدق ما اختاره الله له.
وذهب القوم مشارب شتى في تعريف الإمامة والإمام وتحديد صفاته وتعيين مصداقه، كل ينهل من معين ما يعتقد به، فغرب بعض وشرق آخرون.
وحيث كانت العصمة الواجب توفرها في الإمام الذي يخلف الرسول صلى الله عليه وآله بالقيام بمهام الرسالة من أهم المباحث في هذا المجال قامت (المؤسسة الإسلامية للبحوث والمعلومات) بتوجيه ورعاية من سماحة آية الله السيد علي الناصر-دام ظله-نجل سماحة المرجع الديني المقدس آية الله العظمى السيد ناصر الموسوي الأحسائي قدس سره، بتحقيق ونشر واحد من أهم الكتب عند الطائفة الإمامية الذي دار عليه قطب الرحى طويلا لكونه منصبا في جميع مباحثه على إيراد الأدلة الدالة على وجوب عصمة الإمام عليه السلام، ولما يتميز به من موضوعية فى الطرح بعيدا عن روح التعصب المذهبي الذي كان سائدا فترة تأليفه، وأيضا لما يتمتع به مؤلفه من مكانة علمية مرموقة أشهر من أن يشار إليها.
ونحن إذ نقدم للقارىء الكريم (كتاب الألفين الفارق بين الصدق والمين) لمؤلفه العلامة الحلي قدس سره بعد أن بذلنا ما بوسعنا لتحقيقه وإخراجه بما يليق به، نأمل من القارئ العزيز أن يتحفنا بملاحظاته القيمة عسانا أن نتلافى ما يمكن تلافيه مما أوقعنا فيه قصورنا ومحدودية إمكاناتنا، والله الهادي إلى سواء السبيل.
পৃষ্ঠা ৮
ترجمة المؤلف
اسمه وكنيته ولقبه
هو الشيخ الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلي، وجاء في بعض كتب العامة أن اسمه الحسين (1) .
كنيته أبو منصور، وقد اشتهر بها، وهي التي كناه بها والده (2) . وله كنية أخرى ذكرها أهل العامة وبها عرف عندهم، وهي: (ابن المطهر) (3) .
يلقب ب (جمال الدين) وب (آية الله ) ، وأشهر ألقابه (العلامة) وإليه ينصرف عند الإطلاق.
ولقبه البعض ب (الأسدي) نسبة إلى أسرته التي تعرف بآل المطهر من بني أسد (4) .
ولقب ب (الحلي) نسبة إلى مدينة الحلة التي ولد فيها وسكنها (5) .
مولده
اتفقت أكثر المصادر على أن ولادته في شهر رمضان عام (648 ه) ، لكن اختلف في يوم مولده، فقيل: ولد في ليلة الجمعة في الثلث الأخير من الليل في السابع
পৃষ্ঠা ৯
والعشرين من شهر رمضان؛ كما جاء في جواب العلامة-المترجم-للسيد مهنا بن سنان عند ما سأله عن تاريخ مولده (1) .
وقيل: ولد في التاسع عشر من شهر رمضان، كما جاء في ترجمته لنفسه في رجاله (2) .
وقيل: ولد في التاسع والعشرين من شهر رمضان (3) .
أسرته
ينحدر شيخنا العلامة من أسرة علمية عريقة، فوالده الشيخ سديد الدين يوسف ابن علي بن المطهر الحلي، وصفه بعض أصحاب التراجم بأنه كان فقيها محققا مدرسا عظيم الشأن (4) ، ونعته بعض بالشيخ الأجل الفقيه السعيد شيخ الإسلام (5) ، وقال عنه بعض بأنه أعلم العلماء في عصره في الأصول (6) .
وأمه هي بنت العالم الفقيه الشيخ أبي يحيى الحسن ابن الشيخ أبي زكريا يحيى ابن الحسن بن السعيد الهذلي الحلي (7) .
وخاله الشيخ نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي المشهور بالمحقق الحلي، الذي وصف بأنه المحقق المدقق، الإمام العلامة، واحد عصره، وكان ألسن أهل زمانه وأقومهم بالحجة وأسرعهم استحضارا (8) .
পৃষ্ঠা ১০
وأخوه الشيخ رضي الدين علي بن يوسف بن المطهر، وكان أكبر سنا من العلامة بنحو ثلاث عشرة سنة، وكان عالما فاضلا (1) . وهو صاحب كتاب (العدد القوية لدفع المخاوف اليومية) الذي يعد من مصادر بحار الأنوار (2) .
وابنه الشيخ فخر الدين محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي، وصف بأنه كان فاضلا محققا فقيها ثقة جليلا يروي عن أبيه العلامة (3) .
ما قيل فيه
مدحه وأثنى عليه كل من ذكره من علماء الإمامية الذين كتبوا في الرجال والتراجم، وإليك نماذج من ذلك:
1-ابن داود: (شيخ الطائفة وعلامة وقته وصاحب التحقيق والتدقيق، كثير التصانيف، انتهت رئاسة الإمامية إليه في المعقول والمنقول) (4) .
2-السيد التفرشي: (ويخطر ببالي ألا أصفه، إذ لا يسع كتابي هذا ذكر علومه وتصانيفه وفضائله ومحامده، وإن كل ما يوصف به الناس من جميل وفضل فهو فوقه) (5) .
3-الحر العاملي: (فاضل عالم علامة العلماء، محقق مدقق ثقة ثقة، فقيه محدث متكلم ماهر، جليل القدر عظيم الشأن رفيع المنزلة، لا نظير له في الفنون والعلوم العقليات والنقليات، وفضائله ومحاسنه أكثر من أن تحصى) (6) .
পৃষ্ঠা ১১
4-الشيخ يوسف البحراني: (بحر العلوم الذي لا يوجد له ساحل، وكعبة الفضائل التي تطوى إليها المراحل... ) (1) .
وقال أيضا: (لو لم يكن له قدس سره إلا هذه المنقبة-تشيع الملك خدابنده على يده- لفاق بها على جميع العلماء فخرا وعلا بها ذكرا، فكيف ومناقبه لا تعد ولا تحصى، ومآثره لا يدخلها الحصر والاستقصاء) (2) .
5-الخوانساري: (لم تكتحل حدقة الزمان له بمثل ولا نظير، ولما تصل أجنحة الإمكان إلى ساحة بيان فضله الغزير، كيف ولم يدانه في الفضائل سابق عليه ولا لاحق، ولم يثن إلى زماننا هذا ثناؤه الفاخر الفائق، وإن كان قد ثنى ما أثني على غيره من كل لقب جميل رائق وعلم جليل لائق، وإذن فالأولى لنا التجاوز عن مراحل نعت كماله والاعتراف بالعجز عن التعرض لتوصيف أمثاله) (3) .
6-المحدث النوري: (الشيخ الأجل الأعظم بحر العلوم والفضائل والحكم، حافظ قاموس الهداية كاسر ناقوس الغواية، حامي بيضة الدين ماحي آثار المفسدين، الذي هو بين علمائنا الأصفياء كالبدر بين النجوم وعلى المعاندين الأشقياء أشد من عذاب السموم وأحد من الصارم المسموم، صاحب المقامات الفاخرة والكرامات الباهرة والعبادات الزاهرة والسعادات الظاهرة... آية الله التامة العامة وحجة الخاصة على العامة، علامة المشارق والمغارب... ) (4) .
7-الشيخ المامقاني: (اتفق علماء الإسلام على وفور علمه في جميع الفنون وسرعة التصنيف، وبالغوا في وثاقته) (5) .
পৃষ্ঠা ১২
8-الشيخ عباس القمي: (علامة العالم وفخر نوع بني آدم، أعظم العلماء شأنا وأعلاهم برهانا، سحاب الفضل الهاطل وبحر العلم الذي لا يساجل، جمع من العلوم ما تفرق في الناس، وأحاط من الفنون بما لا يحيط به القياس، رئيس علماء الشيعة ومروج المذهب والشريعة ، صنف في كل علم كتبا وآتاه الله من كل شيء سببا، قد ملأ الآفاق بمصنفاته وعطر الأكوان بتأليفاته، انتهت إليه رئاسة الإمامية في المعقول والمنقول والفروع والأصول) (1) .
9-السيد محسن الأمين: (هو العلامة على الإطلاق الذي طار ذكر صيته في الآفاق، ولم يتفق لأحد من علماء الإمامية أن لقب بالعلامة على الإطلاق غيره) (2) .
كما ذكره ومدحه وأثنى عليه جملة من علماء العامة ومؤلفيهم، وإليك نماذج من ذلك:
1-الصفدي: (الإمام العلامة ذو الفنون عالم الشيعة وفقيههم، صاحب التصانيف التي اشتهرت في حياته... كان يصنف وهو راكب... ريض الأخلاق مشتهر الذكر، تخرج به أقوام كثيرة) (3) .
2-ابن حجر العسقلاني: (صنف في الأصول والحكمة... وكان رأس الشيعة بالحلة، واشتهرت تصانيفه وتخرج به جماعة) (4) .
وقال أيضا: (عالم الشيعة وإمامهم ومصنفهم، وكان آية في الذكاء... اشتهرت تصانيفه في حياته... وكان مشتهر الذكر وحسن الأخلاق) (5) .
পৃষ্ঠা ১৩
3-ابن تغري بردي الأتابكي: (كان عالما بالمعقولات، وكان رضي الخلق حليما) (1) .
4-خير الدين الزركلي: (جمال الدين ويعرف بالعلامة، من أئمة الشيعة وأحد كبار العلماء) (2) .
معاصروه من العلماء
عاصر العلامة مجموعة من فطاحل العلماء وكبار الفقهاء من الخاصة والعامة في وقته، منهم: السيد علي بن موسى بن طاوس، والخواجه نصير الدين الطوسي، والمحقق الحلي، والشيخ علي بن عيسى الأربلي، والشيخ ميثم البحراني، والقاضي ناصر الدين البيضاوي، وبرهان الدين العبدي، ومحمد بن محمود الآملي، والقاضي عضد الدين الإيجي، وغيرهم من العلماء.
أبرز جوانب حياته
(3)
*بدأ مشوار حياته ونشأته في أسرة علمية عريقة حيث كان والده الشيخ سديد الدين يوسف عالما فاضلا ورعا، وكان من الأساتذة الكبار والعلماء الذين ذاع صيتهم في البلاد، وكذلك خاله الشيخ نجم الدين المعروف بالمحقق الحلي الذي كان رأس الشيعة وملاذهم في العلوم، فقد نهل العلامة من علوم والده وتغذى من حسن أخلاقه، ومن نعومة أظفاره بانت عليه علامات الذكاء والموهبة، فانتقل إلى درس
أمل الآمل 2: 81-85 نقد الرجال 2: 69-70. لؤلؤة البحرين: 210-227. الفوائد الرجالية 2: 257-292. روضات الجنات 2: 269-286. تنقيح المقال 1: 314-315. الكنى والألقاب 2: 477-480. أعيان الشيعة 5: 396-408. طبقات أعلام الشيعة (المائة الثامنة) : 52-54. تاريخ العلماء: 159-164. الوافي بالوفيات 13: 85 لسان الميزان 2: 317-138.
ومن مقدمات كتبه المحققة.
পৃষ্ঠা ১৪
خاله المحقق الحلي الذي أحاطه برعاية تامة وتشجيع مستمر، فتقدمت شخصية العلامة شيئا فشيئا وصار يشار إليه بالبنان.
وقبل أن يتم سن التكليف حصل على إجازة الاجتهاد، وهو أول من روج وقوم وقرر رسوم الاجتهاد، فصار يطلق عليه لقب آية الله.
*كانت فترة الصبا بالنسبة إليه فترة عصيبة ومؤلمة، حيث عاصر أحداث غزو هولاكو وما جرى فيها من مجازر، ورأى بعينه كيف أن والده جاء بكتاب الأمان لأهل الحلة.
*عكف على دراسة المعقولات والتزم درس الخواجه نصير الدين الطوسي عند ما جاء إلى العراق فدرس على يديه الفلسفة والكلام والفلك والنجوم، وكان ملازما له حتى في سفره، وسأله مرة عن اثني عشرة مسألة كلها من مشكلات المسائل فأجاب الخواجة عن بعضها وأجل بعضها مما جعل الخواجه يثني عليه وعلى علمه.
*ما أن دخل في العقد الثالث من العمر حتى أكمل مصنفاته الكلامية والحكمية، ولذلك وصفه الخواجه الطوسي-عند ما زار الحلة-بقوله: فوجدت في الحلة عالما إذا جاهد فاق.
*حضر دروس فطاحل العلماء وأهل التدريس من الخاصة والعامة فأزخر بالعلوم، فذاع صيته وارتفعت مكانته بالبلاد وشاع أمره بين الناس لنبوغه الفكري، وتميز بين أبناء جيله ببراعة بيانه وكثرة مؤلفاته مما جعله المؤهل لأن يحل مكان خاله المحقق عند ما توفي، فصار درسه حافلا بطلبة العلوم وقد حضره العديد من خيار العلماء، وقيل: حضر درسه في الفقه والأصول العلامة الخواجه نصير الدين الطوسي أيضا.
*كانت له مناظرات مع كبار العلماء وكان صاحب القول الفصل فيها، حيث كان قوي الحجة بمناظراته يفحم خصمه بالأدلة العقلية والنقلية، حتى دان له خيرة علماء أهل العامة بالفضل والمعرفة وحسن الحجة والبرهان.
পৃষ্ঠা ১৫
*استدعاه السلطان محمد خدابنده ممثلا عن رأي المذهب الشيعي في قضية طلاق السلطان زوجته، فذهب ملبيا هذه الدعوى ومتسلحا بسلاح العلم والإيمان والتقوى، فحصلت له المناظرة الكبرى التي كانت حصيلتها أن تشيع السلطان محمد خدابنده وأعلن التشيع مذهبا رسميا في البلاد الإسلامية، ونقشت أسماء الأئمة عليهم السلام على النقود وجدران المساجد، فقيل: لو لم يكن للعلامة إلا هذه المكرمة لكفى.
على أثر هذه الحادثة صار السلطان لا يفارق العلامة في حله وترحاله، واهتم بالعلم والعلماء، فبنى الكثير من المدارس ومن بينها المدرسة السلطانية التي جعلها السلطان مدرسة سيارة أينما يذهب السلطان فهي معه، فازدهر لذلك العلم والعلماء وكثرت المدارس الدينية وانتشر مذهب التشيع.
*اشتغل العلامة بالتأليف والتصنيف فكتب في كل فنون المعرفة حتى قيل: إنه كان يصنف وهو راكب، وأحصى البعض مؤلفاته فقال: هي تزيد على الخمسمائة مؤلف، وقال بعضهم: لو قسمنا ما أحصينا من مؤلفاته على عدد سنوات حياته لوجدنا أن في كل يوم يصدر له كراس.
*ألف الكثير من الكتب وجعلها هدية للسلطان خدابنده. ومن أوضح ما كتبه وأهداه كتابه العقائدي المسمى ب (نهج الحق وكشف الصدق) .
*رغم احترام العلم والعلماء في وقته سواء كانوا من العامة أو الخاصة إلا أن بعض أصحاب الهوى كان لا يعجبهم أن يكون التشيع موضع احترام السلطة، فكتب ابن تيمية كتابا يتضمن ردا على أحد كتب العلامة ووصفه فيه بضد شهرته التي يعرف بها ب (ابن المطهر) . لكن أخلاق العلامة الرفيعة المكتسبة من سيرة أهل البيت عليهم السلام وأخلاقهم لم تسمح له أن يقابله بالمثل وإنما أجابه بأن الحجة والبرهان هما الدليل على الحق لا الشتم والسباب وغيرهما.
পৃষ্ঠা ১৬
*استأذن العلامة من السلطان خدابنده في الرجوع إلى الحلة والمقام فيها، فأذن له لكن على مضض؛ لأنه كان لا يرغب في مفارقته.
أساتذته
أخذ العلامة علومه واكتسبها من خلال قراءته على جم غفير من أهل العلم والفضل وفطاحل المدرسين من الخاصة والعامة في وقته، وكان في مقدمتهم:
1-والده الشيخ سديد الدين يوسف بن علي المطهر الحلي وهو أول من قرأ عليه، فأخذ عنه الأدب والعربية والأصول والفقه والرواية (1) .
2-خاله الشيخ نجم الدين جعفر بن الحسن بن سعيد المحقق الحلي، أخذ عنه الفقه والأصول والكلام والرواية (2) .
3-الخواجه نصير الدين الطوسي، أخذ عنه الكلام والرياضيات والفلسفة (3) .
4-كمال الدين ميثم بن علي البحراني، قرأ عليه جملة من العلوم وأخذ عنه الرواية (4) .
5-السيد جمال الدين أحمد بن موسى بن طاوس الحسيني (5) .
6-السيد علي بن طاوس (6) .
7-الشيخ نجم الدين علي بن عمر الكاتب القزويني الشافعي (7) .
পৃষ্ঠা ১৭
8-الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن أحمد الكيشي (1) .
9-نجيب الدين يحيى بن سعيد ابن عم المحقق الحلي.
10-حسين بن علي بن سلمان البحراني.
11-مفيد الدين محمد بن علي بن الجهم الأسدي.
12-برهان الدين أبو الفضل محمد بن محمد بن محمد النسفي.
13-عز الدين الفاروقي الواسطي.
14-تقي الدين عبد الله بن جعفر بن علي بن الصباغ الكوفي الحنفي.
15-جمال الدين النحوي.
وغيرهم من الخاصة والعامة (2) .
تلامذته
يروي عنه جماعة كبيرة من أهل الفضل والعلم، وأخذ عنه العلم مجموعة كبيرة من العلماء والمحققين والفضلاء، وقيل: قد تخرج من عالي درس العلامة أكثر من خمسمائة مجتهد. ومن جملة من تلمذ عليه وأخذ عنه:
1-ولده المحقق الشيخ فخر الدين محمد، قرأ عنده كل العلوم وروى عنه (3) .
2-ابن اخته السيد عميد الدين عبد المطلب الحسيني الأعرجي الحلي وروى عنه (4) .
3-ابن أخته السيد ضياء الدين عبد الله الحسيني الأعرجي الحلي أخو عميد الدين، وروى عنه (5) .
পৃষ্ঠা ১৮
4-السيد علاء الدين أبو الحسن علي بن زهرة (1) .
5-السيد شرف الدين أبو عبد الله الحسين (2) .
6-السيد بدر الدين أبو عبد الله محمد (3) .
7-السيد أمين الدين أبو طالب أحمد (4) .
8-السيد عز الدين أبو محمد الحسن (5) .
9-الشيخ تاج الدين حسن بن الحسين بن الحسن السرابشنوي الكاشاني (6) .
10-السيد نجم الدين مهنا بن سنان المدني الحسيني (7) .
11-محمد بن علي الجرجاني (8) .
12-الشيخ زين الدين أبو الحسن علي بن أحمد بن طراد المطارآبادي (9) .
13-السيد النسابة تاج الدين محمد بن القاسم بن معية الحلي الحسيني (10) .
14-الشيخ قطب الدين محمد الرازي البويهي (11) .
15-تاج الدين محمود بن المولى زين الدين محمد ابن القاضي عبد الواحد الرازي (12) .
পৃষ্ঠা ১৯
16-الشيخ عز الدين الحسين بن إبراهيم بن يحيى الأسترآبادي (1) .
إلى غير ذلك ممن قرأ عليه وروى عنه وتلمذ عليه.
مؤلفاته ومصنفاته
ألف العلامة في معظم الفنون، ومصنفاته كثيرة وقد أحصاها هو في كتابه المعروف ب (رجال العلامة الحلي) والموسوم ب (خلاصة الأقوال) عند ما ترجم لنفسه، فقال: مصنف هذا الكتاب له كتب:
1-كتاب منتهى المطلب في تحقيق المذهب، لم يعمل مثله، ذكرنا فيه جميع مذاهب المسلمين في الفقه، ورجحنا ما نعتقده بعد إبطال حجج من خالفنا فيه.
2-كتاب تلخيص المرام في معرفة الأحكام.
3-كتاب غاية الإحكام في تصحيح تلخيص المرام.
4-كتاب تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية.
5-كتاب مختلف الشيعة في أحكام الشريعة.
6-كتاب تبصرة المتعلمين في أحكام الدين.
7-كتاب استقصاء الاعتبار في تحرير معاني الأخبار.
8-كتاب مصابيح الأنوار.
9-كتاب الدر والمرجان في الأحاديث الصحاح والحسان.
10-كتاب التناسب بين الأشعرية وفرق السوفسطائية.
11-كتاب نهج الإيمان في تفسير القرآن.
12-كتاب القول الوجيز في تفسير الكتاب العزيز.
13-كتاب الأدعية الفاخرة المنقولة عن الأئمة الطاهرة.
14-كتاب النكت البديعة في تحرير الذريعة.
পৃষ্ঠা ২০
15-كتاب غاية الوصول وإيضاح السبل في شرح مختصر منتهى السئول والأمل.
16-كتاب مبادي الأصول.
17-كتاب منهاج اليقين في أصول الدين.
18-كتاب منتهى الوصول إلى علمي الكلام والأصول.
19-كتاب كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد.
20-كتاب أنوار الملكوت في شرح فص الياقوت.
21-كتاب نظم البراهين في أصول الدين.
22-كتاب معارج الفهم في شرح النظم.
23-كتاب الأبحاث المفيدة في تحصيل العقيدة.
24-كتاب نهاية المرام في علم الكلام.
25-كتاب كشف الفوائد في شرح قواعد العقائد.
26-كتاب المنهاج في مناسك الحج.
27-كتاب تذكرة الفقهاء.
28-كتاب تهذيب الوصول إلى علم الأصول.
29-كتاب القواعد والمقاصد في المنطق والطبيعي والإلهي.
30-كتاب الأسرار الخفية في العلوم العقلية.
31-كتاب كاشف الأستار في شرح كشف الأسرار.
32-كتاب الدر المكنون في علم القانون.
33-كتاب المباحث السنية والمعارضات النصرية.
34-كتاب المقاومات.
35-كتاب حل المشكلات من كتاب التلويحات.
36-كتاب إيضاح التلبيس من كلام الرئيس.
37-كتاب كشف المكنون من كتاب القانون.
পৃষ্ঠা ২১
38-كتاب بسط الكافية.
39-كتاب المقاصد الوافية بفوائد القانون والكافية.
40-كتاب المطالب العلية في معرفة العربية.
41-كتاب القواعد الجلية في شرح الرسالة الشمسية.
42-كتاب الجوهر النضيد في شرح كتاب التجريد.
43-كتاب مختصر نهج البلاغة.
44-كتاب إيضاح المقاصد من حكمة عين القواعد.
45-كتاب نهج العرفان في علم الميزان.
46-كتاب إرشاد الأذهان في أحكام الإيمان.
47-كتاب مدارك الأحكام.
48-كتاب تسليك الأفهام إلى معرفة الأحكام.
49-كتاب نهاية الوصول إلى علم الأصول.
50-كتاب قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام.
51-كتاب كشف الخفاء من كتاب الشفا.
52-كتاب مقصد الواصلين في أصول الدين.
53-كتاب تسليك النفس إلى حظيرة القدس.
54-كتاب نهج المسترشدين في أصول الدين.
55-كتاب مراصد التدقيق ومقاصد التحقيق.
56-كتاب النهج الوضاح في الأحاديث الصحاح.
57-كتاب نهاية الإحكام في معرفة الأحكام.
58-كتاب المحاكمات بين شراح الإشارات.
59-كتاب نهج الوصول إلى علم الأصول.
60-كتاب مناهج الهداية ومعارج الدراية.
পৃষ্ঠা ২২
61-كتاب نهج الحق وكشف الصدق.
62-كتاب استقصاء النظر في القضاء والقدر.
63-كتاب الألفين الفارق بين الصدق والمين.
هذه فقط أسماء كتبه التي ذكرها في كتابه (خلاصة الأقوال) (1) ، ومن أراد التعرف على المزيد من كتبه فليراجع كتاب (مكتبة العلامة الحلي) للمحقق السيد عبد العزيز الطباطبائي فقد ذكر فيه كتبه بالتفصيل المخطوط منها والمطبوع.
وقال الطريحي في مادة (علم) : (والعلامة الحلي: الحسن بن يوسف بن مطهر له كثير من التصانيف، وعن بعض الأفاضل: وجد بخطه خمسمائة مجلد من مصنفاته غير خط غيره من تصانيفه) (2) .
بعض أخباره
ذكر التقي المجلسي في كتابه (روضة المتقين) أنه كان سبب إيمان السلطان محمد خدابنده جايلتو (أولجايتو) رحمه الله، حيث إنه غضب على امرأته وقال لها:
أنت طالق ثلاثا، ثم ندم وجمع العلماء فقالوا: لا بد من المحلل، فقال: عندكم في كل مسألة أقاويل مختلفة، أفليس لكم هنا اختلاف؟فقالوا: لا، وقال أحد وزرائه: إن عالما بالحلة وهو يقول ببطلان هذا الطلاق، فبعث كتابه إلى العلامة وأحضره. ولما بعث إليه قال علماء العامة: إن له مذهبا باطلا، ولا عقل للروافض، ولا يليق بالملك أن يبعث إلى طلب رجل خفيف العقل. قال الملك: حتى يحضر.
فلما حضر العلامة بعث الملك إلى جميع علماء المذاهب الأربعة وجمعهم، فلما دخل العلامة أخذ نعليه بيده ودخل المجلس وقال: السلام عليكم، وجلس عند
পৃষ্ঠা ২৩
الملك، فقالوا للملك: ألم نقل لك: إنهم ضعفاء العقول؟قال الملك: اسألوا عنه في كل ما فعل، فقالوا له: لم ما سجدت للملك وتركت الآداب؟فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان ملكا وكان يسلم عليه، وقال الله تعالى: فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة (1) ، ولا خلاف بيننا وبينكم أنه لا يجوز السجود لغير الله. قالوا له: لم جلست عند الملك؟قال: لم يكن مكان غيره، وكل ما يقوله العلامة بالعربية كان يترجم للملك.
قالوا له: لأي شيء أخذت نعليك معك وهذا مما لا يليق بعاقل، بل إنسان؟قال:
خفت أن يسرقه الحنفية كما سرق أبو حنيفة نعل رسول الله صلى الله عليه وآله، فصاحت الحنفية:
حاشا وكلا، متى كان أبو حنفية في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله؟!بل كان تولده بعد المائة من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: نسيت، لعله كان السارق الشافعي، فصاحت الشافعية وقالوا: كان تولد الشافعي يوم وفاة أبي حنيفة، وكان أربع سنين في بطن أمه ولا يخرج رعاية لحرمة أبي حنيفة فلما مات خرج، وكان نشؤه في المائتين من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: لعله كان مالك، فقالت المالكية بمثل ما قالته الحنفية، فقال لعله كان أحمد بن حنبل، فقالوا بمثل ما قالته الشافعية.
فتوجه العلامة إلى الملك فقال: أيها الملك، علمت أن رؤساء المذاهب الأربعة لم يكن أحدهم في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله ولا في زمان الصحابة، فهذه إحدى بدعهم أنهم اختاروا من مجتهديهم هؤلاء الأربعة ولو كان منهم من كان أفضل منهم بمراتب لا يجوزون أن يجتهد بخلاف ما أفتاه واحد منهم، فقال الملك: ما كان واحد منهم في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله والصحابة؟فقال الجميع: لا، فقال العلامة ونحن معاشر الشيعة تابعون لأمير المؤمنين عليه السلام نفس رسول الله صلى الله عليه وآله وأخيه وابن عمه ووصيه.
পৃষ্ঠা ২৪
وعلى أي حال فالطلاق الذي أوقعه الملك باطل؛ لأنه لم يتحقق شروطه ومنها العدلان ، فهل قال الملك بمحضرهما؟قال: لا، وشرع في البحث مع علماء العامة حتى ألزمهم جميعا.
فتشيع الملك وبعث إلى البلاد والأقاليم حتى يخطبوا للأئمة الاثني عشر في الخطبة ويكتبوا أساميهم عليهم السلام في المساجد والمعابد (1) .
ومن لطائفه أنه ناظر أهل الخلاف في مجلس السلطان محمد خدابنده أنار الله برهانه، وبعد إتمام المناظرة وبيان الحقية لمذهب الإمامية الاثني عشرية خطب الشيخ خطبة بليغة مشتملة على حمد الله والصلاة على رسوله والأئمة عليهم السلام، فلما استمع ذلك السيد الموصلي الذي هو من جملة المسكوتين بالمناظرة قال: ما الدليل على جواز توجيه الصلاة على غير الأنبياء؟فقرأ الشيخ في جوابه بلا انقطاع الكلام:
الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون*`أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة (2) ، فقال الموصلي: ما المصيبة التي أصابت آله حتى أنهم يستوجبوا بها الصلاة؟فقال الشيخ رحمة الله: من أشنع المصائب وأشدها أن حصل من ذراريهم مثلك الذي يرجح المنافقين الجهال-المستوجبين اللعنة والنكال- على رسول الملك المتعال. فاستضحك الحاضرون وتعجبوا من بداهة آية الله في العالمين.
وقد أنشد بعض الشعراء يقول في ذلك:
إذ العلوي تابع ناصبيا # بمذهبه فما هو من أبيه
وكان الكلب خيرا منه حقا # لأن الكلب طبع أبيه فيه (3)
পৃষ্ঠা ২৫
قال صاحب (روضات الجنات) : ثم إن العلامة أخذ من بعد ذلك بمعونة هذا السلطان المستبصر الرءوف في تشييد أساس الحق وترويج المذهب على حسب ما يشتهيه ويريد، وكتب باسم السلطان الموصوف كتابه المسمى ب: (منهاج الكرامة) في الإمامة وكتاب (اليقين) ومسائل شتى، وبلغ أيضا من المنزلة والقرب لديه بما لا مزيد عليه، وفاق في ذلك على سائر علماء حضرة السلطان المذكور مثل القاضي ناصر الدين البيضاوي، والقاضي عضد الدين الإيجي، ومحمد بن محمود الآملي، وغيرهم.
وكان-رحمه الله-في القرب والمنزلة عند السلطان المذكور بحيث لا يرضى بعد ذلك أن يفارقه في حضر ولا سفر، بل نقل أنه أمر لجنابه المقدس وطلاب مجلسه الأقدس بترتيب مدرسة سيارة ذات حجرات ومدارس من الخيام الكرباسية ، وكانت تحمل مع الموكب الميمون أينما يسير، وتضرب بأمره الأنفذ الأعلى في كل منزل ومصير (1) .
وينقل أن ابن تيمية كان من جملة علماء السنة المعاصرين للعلامة في وقته، وكان منكرا ومتحاملا على العلامة في بعض كتبه، فكتب العلامة في الرد عليه أبياتا منها:
لو كنت تعلم كل ما علم الورى # طرا لصرت صديق كل العالم
لكن جهلت فقلت: إن جميع # من يهوى خلاف هواك ليس بعالم (2)
وفاته ومدفنه
كانت وفاته-رحمه الله-كما ذكر غير واحد من الخاصة والعامة بمحروسة الحلة في ليلة السبت الحادي والعشرين من شهر محرم الحرام سنة ست وعشرين
পৃষ্ঠা ২৬