الثالث: حفظ نظام النوع عن الاختلال؛ لأن الإنسان مدني بالطبع لا يمكن أن يستقل وحده بأمور معاشه؛ لاحتياجه إلى الغذاء والملبوس والمسكن وغير ذلك من ضرورياته التي تخصه ويشاركه غيره من أبناء نوعه فيها، وهي صناعة لا يمكن أن يعيش الإنسان مدة يصنعها ويستعملها، فلا بد من الاجتماع على تلك الأفعال بحيث يحصل المعاون الموجب لتسهيل الفعل، فيكون كل واحد يفعل لهم عملا [يستفيد] (1) منه الآخر، لا يمكن النظام إلا بذلك.
وقد يمتنع المجتمعون من بعضها، فلا بد من قاهر يكون التخصيص منوطا بنظره؛ لاستحالة الترجيح من غير مرجح، ولأنه يؤدي إلى التنازع.
الرابع: [الطبائع] (2) البشرية مجبولة بالشهوة والغضب والتحاسد والتنازع، والاجتماع مظنة ذلك، فيقع بسبب الاجتماع الهرج والمرج ويختل أمر النظام، فلا بد من رئيس يقهر الظالم وينصر المظلوم ويمنع من التعدي والقهر، يستحيل عليه الميل والحيف، وإنما قصده الإنصاف، ويخاف من عقوبته العاجلة، فإن أكثر الناس لها أطوع من الآجلة، لأنا نبحث على هذا التقدير، بحيث يقاوم خوفه شهوته وغضبه وحسده، وغير الرئيس لا يقوم مقامه في ذلك؛ لما تقدم (3) . وأيضا فإنه معلوم بالضرورة.
الخامس: الحدود لطف، وقد أمر الشارع بها، فلا بد لها من مقيم، وغير الرئيس يؤدي إلى الهرج والمرج والترجيح بلا مرجح، فلا يقوم غيره مقامه في ذلك.
السادس: الوقائع غير محصورة، والحوادث غير مضبوطة، والكتاب والسنة لا يفيان بهما، فلا بد من إمام منصوب من قبل الله تعالى، معصوم من الزلل والخطأ،
পৃষ্ঠা ৫১