كان ديرًا عامرًا، كثير الرهبان، وحوله كروم وشجر، وهو من المواضع النزهة والبقاع الطيبة الحسنة، وكان لأهل اللهو به إلمام، وفيه يقول الفضل بن العباس بن المأمون:
أنضيتُ في (سر منْ را) خيلَ لذاتي ... ونلتَ فيها هوى نفسي وحاجاتي
عمّرتُ فيها بقاعَ اللهوِ منغمسًا ... في القصفِ ما بينَ أنهارٍ وجنّاتِ
بديرِ (مرمارِ) إذ نحيي الصبوح بهِ ... ونعملُ الكأس فيه بالعشيّاتِ
بين النواقيسِ والتقديسِ آونةً ... وتارةً بينَ عيدانٍ وناياتِ
وكم بهِ منْ غزالٍ أغيدٍ غزلٍ ... يصيدنا باللّحاظِ البابلياتِ
وقال الشابشتي: ودير قنى يقال له: دير مر ماري.
٢٣٨ دير مر ماعوث: على شاطئ الفرات، في الجانب الغربي.
وهو في موضع نزه، تحيط به البساتين، إلا أن العمارة حوله قليلة، وللعرب عليه خفارة، وفيه جماعة من عبار الرهبان ونساكهم، لهم حوله مزارع ومباقل. وفي صدر هيكله صورة حسنة عجيبة، وفيه يقول الشاعر الكندي المنبجي:
يا طيبَ ليلةِ ديرِ مرماعوثِ ... وسقاهُ ربُّ الناسِ صوبَ غيوثِ
وسقى حماماتٍ هناكَ صوادحًا ... أبدًا على سدرِ هناك وتوثِ
وموردِ الوجناتِ من رهبانهِ ... هو بينهم كالظّبي بينَ ليوثِ
ذي لثغةٍ فتّانةٍ إذْ يخرجُ الط؟ ...؟اوسَ، حينَ يقولُ كالطّاووث
طاولتُ منهُ قبلةً فأجابني: ... لا والمثيحِ، وحرمةِ الناقوثِ
أتراكَ ما تخشى عقوبةَ خالقٍ ... تعثيهِ بين شمامثٍ وقثوثٍ
حتّى إذا ما الرّاحُ سهّلَ حثُّها ... منهُ العسيرَ برطلهِ المحثوثِ
نلتُ الرضا، وبلغتُ قاصيةَ المنى ... منهُ برغمِ رقيبهِ الديوثِ
ولقد سلكتُ معَ النّصارى كلَّ ما ... سلكوهُ غيرَ القولِ بالثالوثِ
بتناولِ القربانِ، والتفكيرِ للص؟ ...؟لبانِ والتمسيحِ بالطيبوث
ورجوتُ عفوَ اللهِ متّكلًا على ... خيرِ الأنامِ نبيّهِ المبعوثِ
٢٣٩ دير مروان: بالشام، وبه كانت وفاة الوليد بن عبد الملك.
٢٤٠ دير مر يحنّا: قال الشابشتي: هذا الدير إلى جانب تكريت، على دجلة، وهو دير كبير عامر، كثير القلايات والرهبان، مطروق، مقصود، لا يخلو من المتطربين والمنتزهين، ولكل من طرقه ضيافة على قدر المضاف، وله مزارع وغلات كثيرة وبساتين وكروم. وهو للنسطورية، وعلى باب هذا الدير صومعة عبدون الراهب، وهو رجل من الملكانية، بنى الصومعة، ونزلها، فصارت تعرف به، وقد بنى إلى جانبها بناء ينزله المجتازون، فيقيم لهم الضيافة.
وفي هذا الدير يقول عمرو بن عبد الملك الوراق:
أرى قلبيَ قدْ حنّا ... إلى ديرِ مريحنّا
إلى غيطانهِ الفيحِ ... إلى بركتهِ الغنّا
إلى ظبيٍ منَ الإنسِ ... يصيدُ الإنسَ والجنّا
إلى غصنٍ منَ الآسِ ... بهِ قلبيَ قدْ جنا
إلى أحسنِ خلقِ الل؟ ...؟هِ إنْ قدَّسَ أو غنّى
فلما انبلج الصّبح ... بزلنا بيننا دنّا
ولمّا دارتِ الكأسُ ... أدرنا بيننا لحن
ولمّا هجعَ السُّمّا ... رُ، نمنا، وتعانقنا
٢٤١ دير مريونان: ويقال له: عمر مريونان.
وهو بالأنبار، على الفرات، حسن، كبير، كثير القلايات والرهبان، وعليه سور محكم البناء، كالحصن له، والجامع ملاصقه، وله ظاهر حسن، ومنظر عجيب في الربيع.
وفيه يقول الحسين بن الضحاك:
آذنكَ الناقوسُ بالفجر ... وغرَّدَ الراهبُ في العمرِ
واطرّدتْ عيناكَ في روضةٍ ... تضحكُ عنْ حمرٍ وعن صفر ِ
وحنَّ مخمورٌ إلى خمرهِ ... وجاءتِ الكأسُ على قدرِ
فأرغبْ عن النومِ إلى شربها ... ترغبْ عن الموتِ إلى النّشرِ
وقال كشاجم يذكره:
اغدُ يا صاحبي إلى الأنبار ... نشربِ الرّاحَ في شبابِ النّهارِ
واعمرِ العمرَ بالّلذاذة والق؟ص؟ ...؟ف، وحثِّ الكؤوسِ والأوتارِ
واغتنمْ غفلةَ الزمانِ وبادرْ ... وافترصْ لذّةَ الليالي القصارِ
٢٤٢ دير المزعوق: ويقال له: دير ابن المزعوق.
وهو دير قديم بظاهر الحيرة، كثير الرهبان، حسن العمارة.
وفيه يقول محمد بن عبد الرحمن الثرواني:
قلتُ له، والنجومُ طالعةٌ ... في ليلةِ الفصحِ، أوّلَ السحرِ:
1 / 54