وغير ضروري: وهو الذي قد سد غيره مسدَّه كالسكنجبين في كونه نافعًا في قمع الصفراء، فإن ذلك قد يسد غيره مسدَّه.
وكل نافع قد يسمى فضيلة وسعادة وخيرًا لكونه مبلغًا إلى ذلك، وموصلًا إليه.
حاجة بعض هذه الفضائل إلى بعض
قد ثبت بما تقدم أن الخيرات والفضائل خمسة أنواع: أخروية، ونفسية، وبدنية، وخارجية، وتوفيقية. فيجب أن يعلم أن بعض ذلك محتاج إلى بعض، إما حاجة ضرورية بحيث لو لم يوجد ذلك لم يصح وجود الآخر أو حاجة نافعة) بحيث لو لم يوجد لاختل حال الآخر، وذلك أن السعادة الحقيقية الأخروية لا سبيل إلى الوصول إليها إلا باكتساب الفضائل النفسية، ولذلك قال اللَّه تعالى: (وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (١٩)
فنبه أنه لا مطمع لمن أراد الوصول إليها إلَّا بالسعي، ولا سبيل إلى تحصيل الفضائل النفسية إلا بصحة البدن وقوته، ولأنه لا غنى بكمال الفضائل النفسية والبدنية عن الفضائل الخارجية، فإنه وإن أمكن أن يتصور حصولها لمن لا أهل له ولا مال ولا عشيرة فإنها لا تكمل إلا بها.
الفضائل المطيفة بالإنسان
قد تقدم أن ذلك بالقول المجمل أربعة أشياء: المال، والأهل، والعز، وكرم العشيرة.
وإن هذه الأشياء نافعة في بلوغ الفضيلة الحقيقية والسعادة الأخروية، وجارية مجرى الجناح المبلغ وإن لم تكن الحاجة إليها في بلوغ ذلك ضرورية.
فأما المال: فصاحبه يتمكن من فضائل إذا فقده ثكل بلوغها، فمعلوم أن كثيرًا من القُرب كالزكاة، والحج، يثكله الفقير، فإن الفقير في تحري المكارم كساع إلى الهيجا بغير سلاح، وكباز متصيد بلا جناح، وفضله مغطى كماء تحت الأرض، ونار كامنة
في الصخر، وما أصدق ما قال الشاعر:
والمرء يرفعه الغنى ... والفقر منقصة وذل
1 / 110