ويجب بعدئذ أيها الرفاق أن تعملوا على تنفيذ خطة الحكومة في الاستيلاء على الحبوب؛ ذلك أن كبار الملاك وبعض الزراع المتوسطي الثروة بل وبعض الفقراء منهم لا يسلمون حبوبهم، وبذلك يفسدون على الحزب خططه، وولاة الأمور المحليون يترددون أحيانا ويضعفون أمامهم، وواجبكم أن تحصلوا على الحبوب مهما كلفكم حصولكم عليها، انتزعوها منهم مهما يكن المكان الذي يخبئونها فيه، في الأفران أو تحت الأسرة أو في السراديب، أو مدفونة في الأفنية الخلفية للبيوت.
ويجب أن يتلقى القرويون منكم يا فرق الحزب دروسا لا ينسونها في الشدة البلشفية، يجب أن تحصلوا على الحبوب، وما من شك في أنكم ستحصلون عليها، وذلك عمل ستنجلي فيه قوة ابتكاركم وروح الشرطة السرية السوفيتية، ولا تترددوا في اتخاذ الإجراءات الرادعة مهما كانت قاسية، إن الحزب من ورائكم يناصركم، والرفيق ستالين ينتظر ذلك منكم، إنكم في كفاح ليست له نتيجة إلا الحياة أو الموت، وخير لكم أن تفرطوا في أداء واجبكم من أن تفرطوا في شيء منه.
وثالث واجباتكم الهامة أن تتموا دراس الحبوب، وأن تصلحوا العدد من محاريث وجرارات ومحاصد وما إليها من الآلات.
لقد بلغت حرب الطبقات في القرى أشدها، وليس هذا وقت الحذلقة أو التظاهر بالحنو ورقة الإحساس، فتلك كلها أمور عتيقة بالية، إن صنائع كبار الملاك يتسللون خفية إلى المزارع الجماعية؛ ليعطلوا العمل ويقتلوا الماشية، والذي نطلبه إليكم هو اليقظة والصلابة والشجاعة الجديرة بالبلاشفة، ولست أشك في أنكم ستنفذون تعاليم الحزب وتوجيهات زعيمنا المحبوب.»
وأغرقت هذه الألفاظ الأخيرة، وما تحمله في ثناياها من وعيد، في عاصفة من التصفيق ودلائل الطاعة والخضوع. «هل منكم من يريد سؤالا؟ هل كل شيء واضح؟»
ولم يسأل أحد سؤالا. «إذن فانتظروا هنا، وستدعون فرادى بعد لحظة وجيزة لتقابلوا الرفيق برودسكي.»
وسألت نفسي: هل يمكن أن تكون هذه كل «التوجهات» التي نتلقاها؟ وهل ينتظر من طائفة من الطلاب وموظفي المصانع أن يحلوا ما في الأقاليم الزراعية من مشاكل اقتصادية وسياسية كثيرة مستعصية بوسائل لا تزيد على استخدام «الشدة البلشفية» المطردة الزيادة؟ وكيف يعهد لطائفة من الأحداث مثلنا لا تعرف كثرتهم شيئا من المشاكل الزراعية أن يفصلوا في مصاير مئات الآلاف من الزراع؟
وكان عن يميني شاب لعله أحس بما يجول في خاطري فقال لي بصوت خافت: «أظن يا رفيق كرافتشنكو أننا سنتلقى أوامر أخرى، أقصد أوامر توجهنا وجهة عملية.»
فأجبته بقولي: «لا أعرف.» وتبينت أنه طالب في المعهد، ولكني لم أعرف عنه غير هذا، ولم أكن أرغب في أن تكون بداية استخدام «حزم البلاشفة» هي الإقدام على نقاش «خطر» مع شخص لا أعرفه.
وواصل الشاب حديثه قائلا: «اعلم أيها الرفيق أني لم أعش قط في قرية، ولا أعرف شيئا عن الحياة في الريف، وليس لي أقل علم بالوسائل التي يمكن أن أؤدي بها هذه الواجبات الشاقة التي ألم أمين السر بأطرافها، ولكنها مع ذلك واضحة، أليس معناها أننا سنفقد مركزنا في الحزب، أو أننا ستطيح رءوسنا إذا أخفقنا في مهمتنا؟»
অজানা পৃষ্ঠা