ذكرنا استيلاء على البيرة وما اتفق بينه وبين العسكر الذين جردهم السلطان اليه وكونه كسرهم وسلبهم وأرسلهم على تلك الحال فأخذ السلطان بالترغيب والترهيب وجعل تارة يبسط له الأموال ومرة يضيق عليه المجال وحينا يتحيل عليه بنوع من الاحتيال حتى بذل الدخول في الطاعة فسر السلطان بذلك وأرسل الأمير بدر الدين بكتاش الفخرى إلى دمشق ليتلقاه ورتب الإقامات والانزال بالطرقات له ولمن معه من الأمراء العزيزية ولما وصل أعطاه ستين فارسا مضائا إلى البيرة وأجزل له العطاء من المال والقماش والخلع والبيوتات والخيول وغيرها وأوسع للذين وصلوا معه على قدر مراتبهم وقربه وأدناه واتخذه سميرا ومشيرا وأنيسا ونديما ثم سأل النزول عن البيرة فأجابه السلطان الى قبولها منه بعد تكرار سؤاله وعوضه عنها.
ذكر البيعة للامام الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين
منصور الفضل ابن المستظهر بالله أبي العباس أحمد بن عبدالله المقتدي بالله أبي القاسم بن القائم بن و القادر بن الطائع بن المطيع أبي العباس والفضل بن المقتدر بالله أبي الفضل جعفر بن المعتضد أبي العباس أحمد بن الموفق بن جعفر المتوكل [بن هارون الواثق بن أبي اسحق المعتصم بالله بن الرشيد هارون بن المهدي بالله بن المنصور بالله أبي جعفر بن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم.
ويبايعه على الخلافة بحكم وفاة الامام المستنصر بالله شهيدا بسيوف التتار قتيلا بأيدي الكنار فلم يرد أن يبقى منصب الخلافة شاغرا وفوها فاغرا فأحضر الامام المذكور راكبا إلى الحيوان الكبير الكاملي بقلعة الجبل المحروسة وأجلسه وجلس الى جانبه وعملت له شجرة النسب العباسي وبايعة السلطان على كتاب الله وسنة رسوله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد أعداء الله وأخذ أموال الله بحقها وصرفها في مستحقها واقامة الحدود وما يجب على الأثمة فعله من أمور الدين وحراسة المسلمين ثم أقبل الخليفة على السلطان وقلده أمور البلاد والعباد ووكل اليه تدبير الخلق وجعله قسيمه في القيام بالحق وفوض اليه سائر الأمور وغدق به صلاح الجمهور ثم أخذ الأمراء والوزراء والقضاة والأجناد والفقهاء والناس على اختلاف طبقاتهم في المبايعة له فتمت هذه البيعة المباركة ولما كان يوم الجمعة صبيحة اليوم المذكور خطب الخليفة وصلي بالناس بالقلعة
صفحة ٧٨