...والله هو الذي بعث رسله وأنزل كتبه لإبطاله وتكفير أصحابه ولعنهم وأباح دمائهم وأموالهم وسبي ذراريهم وهو الذي قصد رسول الله صلى الله عليه وسلم إبطاله ومحوه بالكلية وسد الذرائع المفضية إليه فوقف هؤلاء الضالون المضلون في طريقه وناقضوه في قصده وقالوا : إن العبد إذا تعلقت روحه بروح الوجيه المقرب عند الله تعالى وتوجه إليه بمهمته وعكف بقلبه عليه صار بينه وبينه اتصال يفيض به عليه نصيب مما يحصل له من الله تعالى وشبهوا ذلك بمن يخدم ذا جاه وقرب من السلطان وهو شديد التعلق به فما يحصل من السلطان من الإنعام والإفضال ينال ذلك المتعلق به من حصته بحسب تعلقه به .
...وبهذا السبب عبدوا القبور وأصحابها واتخذوهم شفعاء على ظن أن شفاعتهم تنفعهم عند الله تعالى في الدنيا والآخرة والقرآن من أوله إلى آخره من الرد عليهم وإبطال رأيهم قال الله تعالى حكاية عن صاحب يس : { إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون } وقال الله تعالى { أم اتخذوا من دون الله شفعاء } وقال الله تعالى { ولا يشفعون إلا لمن ارتضى } وقال الله تعالى { ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له } .
...فإن الله تعالى علق الشفاعة في كتابه بأمرين :
...أحدهما : رضاه عن المشفوع له .
...ثانيهما : إذنه للشافع .
صفحة ٢٢