...والثاني : أنه لو قرأ في بيته أهدى ثوابها إليه بأن قال بعد فراغه من قراءته : اللهم اجعل ثواب ما قرأته لفلان الميت لوصل إليه ، لأن هذا دعاء له بوصول الثواب إليه والدعاء يصل بلا خلاف فلا يحتاج أن يقرأ على قبره .
...والثالث : أن قراءته على قبره قد تكون سببا لعذابه أو لزيادة عذابه ، إذ كلما قرئت آية لم يعمل بها يقال له : أما سمعتها فكيف خالفتها ؟! فيعذب لأخل مخالفته لها ؛ كما نقل عن بعض من ابتلي بما ذكر أنه رؤي في عذاب عظيم فقيل له : أما تنفعك القراءة عندك ليلا ونهارا ، فقال : إنها سبب لزيادة عذابي ، وذكر ما تقدم سواء .
...فإذا كان كذلك فاللائق بالزائر أن يتبع السنة ويقف عند ما شرع له ولا يتعداه ليكون محسنا إلى نفسه وإلى الميت فإن زيارة القبور نوعان : زيارة شرعية وزيارة بدعية .
...أما الزيارة الشرعية : التي أذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فالمقصود منها شيئان :
...أحدهما : راجع إلى الزائر هو الاعتبار والاتعاظ .
...ثانيهما : راجع إلى الميت وهو أن يسلم عليه الزائر ويدعو له ولا يطول عهده به فيهجره ويتناساه كما أنه إذا ترك زيارة أحد من الأحياء يتناساه وإذا زاره فرح بزيارته وسر ذلك ، فالميت أولى به ؛ لأنه قد صار في دار هجر أهلها إخوانهم ومعارفهم فإذا زاره أحد وأهدى إليه هدية من سلام ودعاء ازداد بذلك سروره وفرحه .
...وأما الزيارة البدعية :
صفحة ٢٠