...ومنها أن الذي شرعه النبي عليه السلام عند زيادة القبور إنما هو تذكر الآخرة والاتعاظ والاعتبار بحال المزور والإحسان إليه بالدعاء له والترحم عليه حتى يكون الزائر محسنا إلى نفسه وإلى الميت فقلب هؤلاء الأمر وعكسوا الدين وجعلوا المقصود بالزيادة الشرك بالميت ودعاءه وسؤاله الحوائج واستنزال البركات منه ونحو ذلك فصاروا مسيئين إلى أنفسهم وإلى الميت فإنه عليه السلام لسد ذريعة الشرك نهى أصحابه في أوائل الإسلام عن زيارة القبور لكونهم حديثي عهد بالكفر لم لما تمكن التوحيد في قلوبهم أذن لهم في زيارتها وبين فائدتها وعلمهم كيفيتها تارة بقوله وتارة بفعله وذلك في الأحاديث الكثيرة لكن نذكر عدة منها في الإذن وبعضها في التعليم وفي ضمنها بيان الفائدة .
...أما التي في الإذن :
فمنها حديثا أبي سعيد : أنه عليه السلام قال : " كنت نهيتكم عن زيارة القبور فمن أراد أن يزور فليزر ولا تقولوا هجرا " رواه الإمام أحمد والنسائي ومنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " زوروا القبور فإنها تذكر الموت " رواه مسلم
...وأما التي في التعليم :
فمنها حديث سليمان بن بريدة رضي الله عنه عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقولوا : السلام على أهل الديار " وفي لفظ مسلم " السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إنشاء الله للاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية "
...ومنها حديث عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كانت ليلتي منه يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول : " السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون وإنا إنشاء الله بكم لاحقون ، اللهم اغفر لأهل بقيع الفرقد " رواهما مسلم .
صفحة ١٨