أما قسمتها بإعتبار وجودها فهي ثلاثة أضرب: منها ما هو فرض عين بكل حال، وهي الثلاثة المتقدمة: المذهب، والدليل، والتحقيق، فإنها تجب على كل مكلف.
ومنها ما هو فرض كفاية بكل حال، وهو معرفة مذهب المخالف، والشبهة، والسؤال.
وأما الذي يكون تارة فرض عين وتارة فرض كفاية فهو الحل والجواب، فإن ورد عليه شبهة وقدحت عليه وجب حلها، وكانت فرض عين، وإن لم يرد عليه أوردت ولم تقدح كانت فرض كفاية. وكذلك الجواب إن كان السؤال قادح وجب الجواب، وإن لم يقدح لم يجب.
وأما قسمتها بحسب وقوعها فأكثر ما يقع في المسألة هذه الثمانية
الفصول، وأقل ما يقع الثلاثة: الأول المذهب، والدليل، والتحقيق، وأوسطها يكون خمسة: المذهب، والدليل، والسؤال، والتحقيق، والجواب.
[الفصل السابع]
وأما الفصل السابع وهو الكلام في أبواب الكتاب التي ذكر الشيخ (رحمه الله تعالى) فإذا أردنا الكلام في ذلك تكلمنا في أمرين لابد منهما:
أحدهما: في الوقت الذي يجب على الله تعالى تنقية المكلف، وأقل ما يلزم المكلف معرفته.
والثاني: فيما أستقر عليه التكليف الآن.
أما الأول: وهو في بيان الوقت الذي يجب على الله تنقية المكلف وبيان أقل ما يلزم المكلف معرفته فيه، فأعلم أنه لا خلاف بينهم في أن الله تعالى إذا كمل شروط التكليف [18أ]للعبد فلابد أن ينقيه، واستدلوا على ذلك بأن قالوا: إن الله تعالى لو أكمل له شروط التكليف ثم أجترمه حال كمال هذه الشروط؛ لكان أعمالها له عبثا ويجري مجرى من يصنع للغير طعاما ثم أبلغه قبل أن يمكنه منه؛ فإن ذلك يكون عبثا فكذلك في مسألتنا، ثم اختلفوا من بعد ذلك في القدر الذي تجب على الله تعالى، فذهب أبو علي إلا أنه يجب عليه أن يبقيه وقتا يعرف الله فيه، أو يتمكن من معرفته، ثم يجوز أجترامه بعد ذلك، قال: ولا يجب أكثر من ذلك؛ لأن العلم بما عدا ذلك علم بغيره من الأفعال، وذلك لا يجب وبهذا يخرج من كونه عابثا.
صفحة ٣١