وثالثها: أن تكون عالما بوجه دلالة الدليل.
ولهذا فإن الملحده غيرهم لما نظروا على الوجه الفاسد لم يحصل لهم العلم بالصانع، فعند أن ينظر على الوجه الصحيح يحصل له العلم.
وقلنا: أوصله إلى العلم احتراز ممن ينظر على الوجه الصيحيح، فيحصل له الظن، مثل مسائل الإجتهاد وغيرها.
وقلنا العلم بالغير، ولم نقل بما هو دليل عليه لأن لا يحقق الشيء بنفسه، ولم نقل بالمطلوب لأن ما يدخل في الحد ما ليس منه، وهو طريق النظر كاستدلالنا بكونه تعالى قادرا أو عالما على كونه حيا، ومثال الدليل وحدوث العالم؛ فإنه يدل على ثبوت الصانع.
وأما حقيقة التحقيق: فهو ترتبي مقدمات الدليل على الوجه الذي يدل احتراز من الوجه الذي لا يدل.
وحقيقة أخرى أن يقال: هو بيان التعليق بين الدليل والمدلول على نوع من الإختصاص، ومثاله أن يقول أن هذا العالم محدث، والمحدث لابد له من محدث ومحدثه ليس إلا الله تعالى فهذا هو التحقق.
وأما السؤال: فهو طلب المراد من الغير بالقول أو ما يجري مجراه، والذي يجري مجراه الكتابة [16ب] والإشارة، وهو على قسمين: سؤال تحصيل، وسؤال إستفهام.
فالتحصيل: قد يكون على وجه الإستعلا؛ فيكون أمرا، وقد يكون على وجه الخصوص فيكون دعاء، وقد يكون على وجه المساواة، وهو السؤال المطلق، وقد يكون على وجه المساواة.
والإستفهام: فهو ما أريد من الغير أن يعلمه به.
وأما حقيقة الجواب: فهو الكلام المتضمن إظهار....السائل؛ لأجل سؤاله بالقول أو ما يجري مجراه، وحد آخر وهو الإخبار قولا وكتابة عقيب الاستخبار على وجه المطابقة، وما ذكره في حد الجواب ينتقص بما لو قال لغيره مر فلانا ما مرة، فإنه قد أظهر ما التسمية بالقول وليس بجواب، والصحيح في حده أن نقول: هو الخبر المتضمن لإظهار ما التسمية السائل لأجل سؤاله، فلا يكون الجواب إلا خبرا.
صفحة ٢٩