وأما حصرها: فنقول الإعتقاد لا يخلو إما أن يكون على ما يتناوله أم لا إن لم يكن فهو الجهل، وإن كان فلا يخلو إما أن يقتضي سكون النفس إليه أم لا، إن أقتضى سكون النفس فهو العلم، وإن لم يقتضي سكون النفس فلا يخلو إما أن يستند إلى قول الغير أم لا، إن استند فهو التقليد وإن لم يستند فهو البحث، وفي هذا الحصر نظرا لأنه قال إن كان لا على ما تناوله فهو الجهل، وقد يكون تقليدا أو بحثا لا محالة فإنه ليس من حق التقليد والبحث مطابقة المعتقد، وكذلك في جعل التقليد والبحث ما يكون معتقده على ما يتناوله؛ فانهما ليسا كذلك بكل حال فينظر فيه.
وأما الموضع الثاني: وهو في تعدادها وتعيناتها، أما تعدادها فهي ثمانية، وأما تعيناتها فهي بيان المذهب في المسألة.
وثانيها: بيان الدليل على صحة ذلك المذهب.
وثالثها: بيان تحقيق ذلك الدليل.
ورابعها: بيان الأدلة الواردة على ذلك [15ب] الدليل والتحقيق.
وخامسها: بيان أجوبة تلك الأسولة.
وسادسها: بيان مذاهب المخالفين في تلك المسألة.
وسابعها: بيان شبههم التي يتعلقون بها.
وثامنها: حل تلك الشبهة وإبطالها، وبتمام هذه الثمانية الفصول تكمل معرفة ما يتعلق بكل مسألة منها.
وأما الموضع الثالث: وهو في حقائقها وأمثلتها، فالمذهب يستعمل في أصل اللغة وفي الاصطلاح، أما أصل اللغة فسمي مذهبا؛ لأن المذهب هو ما يذهب فيه ويسلك، ومنه نقل إلى الاصطلاح لما كان من سلك الطريق فهو ذاهب فيها فكان من المعتقد شيئا وذهب إليه سمي له مذهبا.
وأما حقيقته في الاصطلاح: فهو العلم والإعتقاد والظن الذي لا يعلم صحته ولا فساده إلا بدليل، وإن لم يكن ثم خصم منازع.
قلنا: هو العلم لتدخل فيه المسائل العلمية.
وقلنا: أو الإعتقاد ليدخل فيه مذاهب المخالفين، ومن اعتقد لغير دلالة.
وقلنا: أو الظن ليدخل فيه مسائل الفروع لأنها ظنية. والمذهب يستعمل فيها.
صفحة ٢٧