وقلنا: مع سكون النفس إليه احترازا من التقليد والبحث، لأن النفس لا تسكن معها سكونا حقيقا. فإن المقلد وإن تصور بتصوره ساكن النفس، فليس ساكن النفس على الحقيقة، ولهذا ولو شكك تادبا.
سكنك لا يكشف أنه غير ساكن النفس؛ ولأنا قد قلنا في الحقيقة مع اقتضائه بسكون النفس والتقليد لا يقتضي سكون النفس وإن حصل السكون عنه فليس بمقتضي عنه.
وأما حقيقة الجهل فهو الإعتقاد الذي يكون معتقده أو ما يجري مجرى معتقده لا على ما يتناوله بكل حال، والاحتراز في هذا عكس ما تقدم في حقيقة العلم.
سؤال: في حقيقة الجهل وهو أن يقال يدخل في ما ذكرتم التقليد والتنحت؛ لأنهما قد يكون معتقدهما لا على ما يتناوله، وظاهر الحد أن كل إعتقاد كان معقتده أو ما يجري مجرى معتقده لا على ما يتناوله فهو جهل، فلعل الاحتراز أن يقال إعتقاد من حكمه كون معتقده أو ما يجري مجرى معتقده لا على ما يتناوله فينظر فيه.
وأما حقيقة التقليد: فهو قبول قول الغير من غير حجة ولا شبهة خارجة عن حال من قلده.
قلنا: قبول قول الغير؛ لأنه لا يكون مقلدا إلا بأن يقبل قوله.
وقلنا: من غير حجة احتراز من قبولنا من النبي (صلى الله عليه وآله)؛ لأنه قد أقام الحجة على صدقه، وهو ظهور المعجز على يديه.
وقلنا: ولا شبهة احتراز من علماء المخالفين؛ فإنهم ليسوا بمقلدين [14ب] لأسلافهم؛ لأنهم قد طالبوا بشبهة.
وقلنا خارجة عن حال من قلده: لأن العامي لم يعتقد قول العالم إلا لشبهة، وهي ما يعتقد فيه من العلم والديانة والورع، ولكنها ليست بخارجة عن حاله.
وأما حقيقة البحث: فهو الإعتقاد للشيء من غير أمر يقيضه ولا دلالة تدل عليه، مثل من يعتقد أن جبريل في السماء السابعة، فهذا بحث لا دليل عليه.
صفحة ٢٦