[ الفصل الخامس ]
وأما الفصل الخامس وهو في بيان الغرض المقصود بهذا الفن
فاعلم أن أمهات فوائده ثلاث فوائد:
الفائدة الأولى
أن يكون الإنسان على بصيرة من أمره فيما يقدم عليه وما يحجم عنه آمنا فيما يعتقد ويدين به آمنا من أن يكون ضالا مخطئا في ذلك، وإنما يتحقق ذلك الأمان بالأدلة القاطعة وترك التقليد وقد نبه النبي صلى الله عليه وآله على ذلك بقوله: [ ] ((ستتفرق أمتي إلى نيف وسبعين فرقة كلها هالكة إلافرقة واحدة)) ولن يميز تلك الفرقة إلا بأن يكون عالما بأصول الدين، ولا تحصل الفرقة من المذاهب ومعرفة الخطأ من الصواب ومعرفة مذاهبهم إلا به، وقد نبه الله على ذلك ذاما [12ب] للتقليد بقوله [ ] {إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا...} الآية.
وقوله تعالى [ ]:{إنا وجدنا آباءنا على أمة} ولا يحصل له اليقين بما تقدم عليه إلا بأن يكون عالما بالتوحيد.
الفائدة الثانية
أن يكون آمنا عن أن يسير به عن الحق المبطلون ويوقعه في الضلاة الضالون، وإنما يحصل ذلك بأن يكون متمكنا من تصحيح ما يذهب إليه بالدلالة الصحيحة ومن الذب عليها بحل الشبه الواردة عليها ولن يتمكن من شيء ما ذكرناه حتى يكون عالما بعلم الكلام، حتى لو كان اعتقاده لما اعتقده عن تقليد أوهو لم يأمن أن يسير به المبطلون بما يوردون عليه من الشبه، وقد بينه النبي صلى الله عليه وآله وسلم [ ] بقوله: ((من أخذ دينه عن التفكر في الله والتدبر لكتابه والتفهم لسنتي زالت الرواسي ولم يزل، ومن أخذ دينه عن أفواه الرجال وقلدهم فيه ذهبت به الرجال وقلدهم فيه ذهبت به الرجال من يمين إلىشمال وكان من دين الله على أعظم زوال)).
صفحة ٢٣