189

وكان المعروف بماه روي «8» بندارا «9» من جهة السلطان يمين الدولة وأمين الملة فيهم، وقد أوصاهم بالقعود «10» له «11» بكل مرصد، وإذكاء العيون عليه عند كل مصدر «12» ومورد، فلما [107 أ] لبس الليل جلدة الغبش، وعرض على النجوم جيش الحبش «13»، وثب أهل تلك الحلة على المنتصر جهلا وغباوة، وقساوة وشقاوة، وأخفروا حق مقدمه، وأحلوا للأرض حرام دمه، فكأنما عناه أبو تمام حيث يقول «1»:

فتى مات بين الطعان والضرب ميتة ... تقوم مقام النصر إذ فاته النصر

وما مات حتى مات مضرب سيفه ... من الضرب واعتلت عليه القنا السمر

فأثبت في مستنقع الموت رجله ... وقال لها من تحت أخمصك الحشر

غدا غدوة والحمد نسج ردائه ... فلم ينصرف إلا وأكفانه الأجر

مضى طاهر الأثواب لم تبق روضة ... غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبر

عليك سلام الله وقفا فإنني ... رأيت الكريم الحر ليس له عمر

ثم نقل قالبه «2» إلى قرية ما يمرغ «3» من قرى روذبار زم «4»، ودفن بها في شهر ربيع الأول سنة خمس وتسعين وثلثمائة.

وبلغ السلطان يمين الدولة وأمين الملة خبره، فأمر بالقبض على ماه روي «5» بندار، [107 ب] وإذاقته حر الإنكار. وشن الغارة على حلة ابن بهيج «6» الأعرابي خاصة، وعلى سائر العرب السيارة عامة. وصارت جمرة آل سامان رمادا تذروه «7» الرياح، وكان الله على كل شي ء مقتدرا «8».

صفحة ١٩٧