161

ولات مصر

محقق

محمد حسن محمد حسن إسماعيل، وأحمد فريد المزيدي

الناشر

دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان

رقم الإصدار

الأولى، 1424 هـ - 2003 م

وعقد أحمد بن طولون لإبراهيم بن بلبرد على جيش، وبعث به إلى برقة وذلك في شهر رمضان سنة سبع وستين، وجعل مكانه على الشرط سري بن سهل، فأقام إبراهيم فيما بين برقة والإسكندرية، ثم أجمع أحمد بن طولون على النهوض بنفسه إلى برقة، فاستعد لذلك وخرج في عسكر عظيم، فزعموا أن عسكره ذلك كان مضموما على مائة ألف، وخرج من الفسطاط يوم الخميس لثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة ثمان وستين ومائتين، فأقام بالإسكندرية، وهرب أحمد بن محمد الواسطي من يدي العباس، فأتى إسكندرية، فلقي أحمد بن طولون بها وهو عازم على المسير إلى برقة، فصغر أمر العباس عنده، فعقد ابن طولون لطبار على بعض الجيش الذي كان معه، فيهم: أحمد بن وصيف، وتيتك، وسعد الأيسر، ومضوا يريدون برقة، فالتقى طبار مع أصحاب العباس بموضع، يقال له:. . . . . . . . . . . . من أرض برقة يوم الإثنين لتسع بقين من جمادى الآخرة سنة ثمان وستين ومائتين، وانهزم أصحاب العباس وقتل منهم كثير، وهرب العباس، فاتبعوه، فأدركوه يوم الأحد لأربع خلون من رجب سنة ثمان، ورجع أحمد بن طولون إلى الفسطاط يوم الثلاثاء لثلاث عشرة خلت من رجب سنة ثمان وستين، وأتى بالأسرى، فيهم: جعفر بن جدار، وأبو معشر، ومحمد بن سهل المنتوف، وعبد الله بن طغيا، قد أعطوا أمانا، فرأى بكار القاضي أن الأمان لهم، وكان دخولهم يوم الأربعاء لثمان بقين من شوال سنة ثمان وستين، ثم أخرجوا يوم الأربعاء لمستهل ذي القعدة، وقد بنيت لهم دكة عظيمة رفيعة السمك، فأمر أحمد بن طولون بابن جدار، فضرب ثلاثمائة سوط، ثم تقدم إليه العباس، فقطع يديه ورجليه وألقي في الدكة.

ثم بعث أحمد بن طولون بلؤلؤ غلامه في جيش إلى الشام، فكاتبه أبو أحمد الموفق، وبعث إليه أبو أحمد، فحمله في الماء من الرقة جمادى الأولى سنة تسع وستين، فبلغ ذلك أحمد بن طولون، فسارع إلى الخروج، ورجا أن يلحق لؤلؤ، واستخلف على مصر ابنه خمارويه بن أحمد.

ثم خرج أحمد في صفر سنة تسع وستين وخرج معه بالعباس مقيدا، فسار أحمد حتى نزل دمشق، فكتب إلى خلف الفرغاني عامله على طرسوس، كان طخشي قد استخلفه عليها عند وفاته، فكتب إليه أحمد يأمره بالقبض على يازمان الخادم ويجمله إليه، فعلم أهل طرسوس بذلك، وأخذوا يا زمان من يدى خلفا من طرسوس، وولوا عليهم يازمان، فمضى أحمد بن طولون إلى دمشق يريد المسير لمحاربة أهل طرسوس، فتلقاه كتاب المعتمد يعلمه أنه خارج إليه، فتوقف أحمد بن طولون، وخرج المعتمد من العراق كالمتصد ثم ركب الطريق إلى الرقة، وبلغ أبا أحمد الموفق مسيره وهو إذ ذاك مواقف العلوي بالبصرة، فكتب أبو أحمد إلى إسحاق بن كنداج الجزري، والي صاعد بن مخلد يخبرهما أن المعتمد قد مضى إلى أحمد بن طولون، وإن تم له هذا لم يبق من الموالي أحد، ويأمر إسحاق أن يلحقه، فيرده، ووعده على رده أموالا وإقطاعات، فلما سار المعتمد إلى الحديثة أتاه إسحاق بن كنداج بهدايا وألطاف، واستأذنه في خطاب الذي ساروا معه وهم خطارمش، وأحمد بن خاقان، وتيتك، وإبراهيم بن مدبر، وأذن له في خطابهم، فخلا بهم إسحاق، فقيدهم، ثم عاد إلى المعتمد، فقال: إن الذي عزم عليه أمير المؤمنين هو الخطأ.

وأخذه بان احذره إلى سر من رأى يوم الأحد لخمس خلون من شعبان سنة تسع وستين، ووكل به إسحاق بن كنداج خمسمائة رجل، فعقد أبو أحمد الموفق لإسحاق بن كنداج على مصر.

صفحة ١٦٨