كتابة الحديث النبوي في عهد النبي ﷺ بين النهي والإذن
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
كتبتم لنا فإنَّا لا نحفظ قال: "لا نكتب ولا نجعلها مصاحف، كان رسول الله ﷺ يحدثنا فنحفظ، فاحفظوا عنا كما كنا نحفظ عن نبيكم" (١) .
حيث فسر رواة الحديث (النهي عن الكتابة) بخشية أن يجعل الحديث موضع القرآن، وراوي الحديث أعلم بما روى كما يقرر العلماء (٢) .
وأيضا عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن فاستشار في ذلك أصحاب الرسول ﷺ، فأشاروا عليه أن يكتبها، فطفق عمر يستخير الله فيها شهرًا، ثم أصبح يومًا وقد عزم الله له فقال: " إني كنت أردت أن أكتب السنن وإني ذكرت قومًا كانوا قبلكم كتبوا كتبًا فأكبُّوا عليها، وتركوا كتاب الله، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبدًا " (٣) .
وقد أعلن عمر هذا على ملأ من الصحابة رضوان الله عليهم، وأقروه، مما يدل على استقرار أمر هذه العلة في نفوسهم.
ثانيًا: الخوف من مضاهاة الحديث للقرآن الكريم:
فالنهي عن كتابة السنة حتى لا تكون مثل القرآن، فالقرآن مكتوب متداول بين الصحابة متعبد بتلاوته وقراءته، فخشي أن يكتب الحديث فيكون مصحفًا يقرأ ويتلى كما يقرأ القرآن الكريم.
يؤيد ذلك التعليل: ما ذكر عن الصحابة عموما أنّهم كانوا يرون أن بني إسرائيل إنما ضلوا بكتب ورثوها، ولذلك قال الخطيب البغدادي: " فقد ثبت أن كراهة الكتاب من الصدر الأول إنما هي لئلا يُضاهى بكتاب الله تعالى
_________
(١) تقييد العلم ٥٧.
(٢) منهج النقد في علوم الحديث ٤٣.
(٣) تقييد العلم ٤٩.
1 / 31